الخميس، 19 أبريل 2012

مشروع قانون الانتخاب إذ يعصف بوعود الإصلاح



د.عيدة المطلق قناة

منذ أن أطلقت الحكومة مشروع قانون الانتخاب الجديد والجدل السياسي أخذ بالتصاعد . لقد  أستثار هذا المشروع عاصفة من الانتقادات والاتهامات..  حتى ولد حالة من الإرباك في هذا المرحلة الحرجة بكل ما تشهده من ظواهر التأزيم والتوتير والتراشق الإعلامي والنزق السياسي والانفعال غير المحمود ..

ربما ظنت الحكومة حين فصلت قانونها ليستهدف الحركة الإسلامية بالتحجيم والإقصاء .. أن سيأتها بعض المتاعب من الحركة الإسلامية ،  ولكنها ستنال رضى باقي المكونات المجتمعية والسياسية مما يمكنها من تمرير مشروعها بيسر وسهولة  رغم ما حملته من صواعق التفجير ..!! إلا أن الظنون الحكومية ذهبت أدراج الرياح .. فجاءت العاصفة بما لاتشتهي السفن إذ هبت من كافة القوى والمنظمات والأحزاب والشخصيات الوطنية.. لم يوفق هذا المشروع في إرضاء أي شريحة اجتماعية أو سياسية فرفضه الاسلاميون والوسطيون والقوميون واليساريون والعشائريون ..كما رفضته الجبهة الوطنية للإصلاح  والتجمع الشعبي للإصلاح وحتى من يطلق عليهم لقب الأغلبية الصامتة خرجت عن صمتها وأعلنت رفضها له..   وبذلك فإن المجتمع الأردني لم يسبق له أن أجمع على قضية كإجماعه على رفض "مشروع قانون الانتخاب" .. مما فاجأ الحكومة وأربك أداءها وانعكس هذا الارتباك في تصريحاتها ودفوعها الخجولة عن مشروعها .. لقد وصف الأردنيون مشروع الحكومة هذا بأقذع الصفات .. [ ومما قيل فيه – على سبيل المثال لا الحصر - أنه  مولود مشوه .. صادم ..مخيب للآمال ..  صفعة للوطن .. كابوس .. استفزاز  للشعب الاردني .. حاشد بمحطات التزوير ..  مجحف وإقصائي بحق الأحزاب .. ومعاكس لرغبات الأردنيين..  إعادة تدوير غير موفقة لقانون الصوت الواحد الذميم الذي أنتج أزمة ثقة .. واستثار النعرات بعناونيها المتعددة.. وأعمل في النسيج الاجتماعي تفتيتاً وتفكيكاً وتشويهاً .. وساهم في رفع وتائر العنف المجتمعي وانتهاك السلم الأهلي !!] .. وكل صفة من هذه الصفات تكفي لسحبه من التداول ففي ظل هذا الإجماع الشعبي على الرفض فإن النقاش فيه غير منتج .. فإن أصرت الحكومة على تمريره فإنما تكون قد أغلقت باب الإصلاح !!
وإذا ما أصرت الحكومة على تمرير مشروعها فإنها بذلك تؤسس لمواجهة ساخنة بين مكونات المجتمع .. مما سيرتكس بالحياة السياسية خطوات واسعة إلى الوراء ، وسيقتل ما تبقّى من حياة حزبية بل لن يفرز سوى مجلس نيابي هزيل لا يعبر عن أحد .. !!

 لقد جاءت الحكومة الحالية على وعد الإصلاح واسترداد الولاية العامة .. ولكنها لم تقدم خطوة في هذا الاتجاه .. .فهي لم تنجح في بسط ولايتها الدستورية .. أما مشاريعها الإصلاحية فجاءت ترقيعية والتفافية على إرادة الأردنيين وتفتقر للرؤية الشمولية وبذلك فهي لن تحقق الاستقرار ولن تسمن إصلاحاً  ..
أما عن الولاية العامة فإن مجرد الدفاع الحكومي المرتبك عن هذا الاختراع العجيب .. وما سبقه من "مشاريع إصلاحية" فإن الحكومة تؤكد بأن هذه المشاريع لم تكن من صنعها .. بمقدار ما هي من صنع أجهزة ودوائر وقوى الشد العكسي .. وربما بعضها قوى خارجية ..  وفي كل مرة وأمام كل أزمة تؤكد الحكومة بأنها "شاهد ما شافش حاجة"  ..
ما آلت إليه الأوضاع يطرح على الحكومة العديد من الأسئلة :  
·      ما هي أسباب ارتفاع منسوب الغضب والاحتقان الشعبي ،  وبالتالي ارتفاع سقوف المطالبات والشعارات ؟؟ ..
·      كيف ارتضت / ترتضي الحكومة بأن تكون واجهة لتمرير معالجات بائسة وخطيرة  تنتمي لأنظمة عربية فاشلة سقط بعضها وبعضها الآخر بالانتظار..؟
·      فأي مصلحة للحكومة يمكن أن تتحقق بتحجيم القوى الفاعله في المجتمع وافتعال الصدام معها ؟؟ ..
·      أي إصلاح يتحقق بالتأزيم ومقاطعة الانتخابات التي باتت الخيار الرئيس لكافة القوى التي أعلنت رفضها للقانون ؟  
·      وهل مهمة الحكومات المتعاقبة بعامة وهذه الحكومة الإصلاحية بخاصة الإبقاء على حالة التوتر والمراوحة في الأزمة  حتى إنهاء الحراك أو الربيع الأردني ؟؟

 لعل أخطر ما كشفته الحكومة من خلال مشروعها الانتخابي يتمثل في نوايا النظام لوقف الحراك الشعبي .. وتتجلى هذه النوايا بين حين وآخر بالمعالجات الحكومية الفظة وغير القانونية وغير الإنسانية  .. وفي قمع شباب الحراك بالعنف الجسدي المفرط وتلفيق التهم والزج بهم في السجون.. وممارسة أشكال من الإيذاء النفسي والجسدي وإهانة الكرامة..مما يعيد للإذهان مرحلة الأحكام العرفية!!

إن أكثر ما يحتاجه الأردنيون اليوم هو جرعة إصلاحية كبيرة تعيد ترميم الثقة المفقودة .. وتعزز استقرار الدولة الأردنية، وتؤمن وحدة نسيجها المجتمعي، وتدفع بحياة سياسية وبرلمانية فاعلة، كما تؤمن المشاركة لكافة القوى السياسية والاجتماعية والفكرية .. !!

وحتى ذلك الحين لا بد من التأكيد بأن المواقف السياسية مهما تعددت أو اختلفت إلا أن  حقوق المواطنين وكرامة الأردنيين تظل الخط الأحمر الذي لا يمكن السكوت عنه أو التسامح فيه !!

eidehqanah@yahoo.com





الأحد، 8 أبريل 2012

كلمة د. عيدة المطلق قناة


مهرجان حرائر الطفيلة للإصلاح
السبت : 7/4/2012
أردنيات من أجل الإصلاح

أيتها الحرائر..  أيها الأحرار في طفيلتنا الشماء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يطيب لي أن أنقل إليكم تحيات واحترام أخواتكم في تجمع أردنيات من أجل الإصلاح وأن أؤكد لكم بأننا شركاءكم في الهم والمصير والقضية .. ونستنكر القمع والتنكيل والاعتقال الذي نال من أبنائنا في الطفيلة والدوار الرابع وفي كل مكان طالته هراوات القمع والظلم.. ونقول لكل من اعتدى على شبابنا تبت كل يد امتدت إلى أحبتنا بسوء .. 

أيها الحفل الكريم
عقدة الأردن الأساسية تتلخص في إشكالية الفساد فقد ظهر الفساد في البر والبحر .. على يد [الذين طغوا في البلاد  فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ] ( الفجر: 12)  

** لدينا فساد عام : نال من هيبة الدولة وأفسد علاقة النظام بالشعب .. وانتشرت فضائحه كما النار في الهشيم .. وتمدد على القطاعين العام والخاص ..
فساد تعددت ملفاته من تبديد ونهب موارد الدولة وثرواتها وأراضيها..  إلى مشاريع استراتيجية.. ورخص .. وشركات ومؤسسات خدمية كبرى ..كلها تم التلاعب بأموالها وعطاءاتها نهباً وتبذيراً وأعطيات للمحاسيب والأقارب ولعصابات هبطت علينا من عالم آخر !! كشف عن بعضها وما زال بعضها بالانتظار.. وما سقط بين يدي الادعاء العام لا يمثل سوى قمة جبل الجليد ..

و فساد إداري من مفرداته : تعيينات عشوائية .. محسوبية وتمييز بين المواطنيين في الوظائف والأجور.. ومئات المستشارين الذين غصت بهم مؤسساتنا الحكومة والمستقلة واستنزفت رواتبهم الفلكية ملايين الدنانير ..

وفساد سياسي من مفرداته : انتخابات مزورة، ومجالس نيابية بالتعيين تدار بالرسائل القصيرة، حتى وصلنا إلى مجالس يعين رئيسها بالتزكية، فكان من الطبيعي أن يأتي الأداء حافلاً بالسواد والتصويت الاستفزازي والانحياز لأولياء النعم من زمرة الفاسدين!

وفساد اقتصادي من مفرداته : سياسات ليبراليَّة متوحِّشة  تولت برنامج خصخصة القطاع العام فعاثت فيه فساداً وبيعاً وعقود إذعانية مع شركاء وشركات وهمية.. فنشأ لدينا شركات مساهمة وبورصات ومشاريع وهمية باعتنا أوهاما ًوفتكت بمقدرات المواطنين ونهبت كل ما في جيوب الفقراء والمعدمين لصالح طبقة طفيلية فاسدة استنزفت مواردهم المحدودة وهبطت بها إلى ما دون الصفر.. (وما المستثمرون العرب والبورصات الوهمية إلا بعضا ًمنها)
فساد وضعنا أمام حالة أزمة مركبة ومتعددة التجليات حيث أننا أمام أزمة بسبب غياب الثقة والاحترام المتبادل بين النظام وقوى الإصلاح ..فالنظام دأب على مطالبه اليومية من قوى الإصلاح بإعلان احترامها وولائها للنظام ، دون أن يبدي النظام أية بادرة  احترام أو اعتراف بقوى الإصلاح باعتبارها من مكونات الدولة الأساسية .. بل على عكس مافتئ يشن حملات شرسة من التشكيك والتجييش الإعلامي ضد قوى الإصلاح بعامة.. متناسياً أن فقدان الاحترام والثقة والاعتراف المتبادل أغلق الكثير من قنوات التواصل!
لدينا أزمة في المفاهيم إذ أصبحت مفاهيم الولاء والانتماء الأكثر إشكالية، فحل الولاء والانتماء لمنظومات الفساد والإفساد والمصالح والولاءات الفرعية الضيقة .. محل الولاء والانتماء  للعقيدة والوطن والأمة ومصالحها العليا.

 كما أن لدينا أزمة مع نهج الانفراد بالحكم والسلطة وتهميش الشعب وإقصائه عن آليَّات ومواقع القرار.. نهج تتقدم فيه مصالح الأفراد والمتنفذين على مصالح الوطن مما أوصل البلاد إلى حافة الهاوية !!

أزمة في النوايا والمصداقية فحتى اليوم لم تتقدَّم الحكومات المتعاقبة خطوات جادة باتِّجاه إصلاح النظام وتغيير أساليب الحكم.. فضلاً عن التسويف واستنزاف الوقت في محاولات يائسة لإجهاض الحراك الشعبي السلمي والالتفاف عليه !!

أزمة قوامها الخوف على المستقبل وانسداد الأفق أمام مديونية لا نحسد عليها .. وتباين طبقي قوامه الثراء المفاجئ والفاحش لنفر من رموز الفساد مقابل تردي أحوال الناس المعيشية وتآكل الطبقة الوسطى ..  

أزمة مع استمرارية سيطرة الذهنية العرفية والنظام الأمني على مفاصل الدولة ، يعبر عنه التعاطي مع المعارضة بالتجاهل والقمع وتجييش كتائب البلطجية للبطش والتنكيل بالمتظاهرين والمعتصمين السلميين (وما ساحات المسجد الحسيني ودوار الداخلية وساحة النخيل وسلحوب وخرجا وقميم والمفرق والطفيلة والدوار الرابع إلا عناوين لهذه الذهنية !!

أمام مركب هذه الأزمات .. وقعنا في حالة شديدة من التوتر والإحباط والاحتقان .. فما يطرحه النظام من حلول للمعضلات السياسية والمالية والإدارية مازالت حلولاً وهمية وسراباً خادعاً ؟ لا تتجاوز الترقيعات والشكلانية لا تلامس مطالب الشعب الإصلاحية الجادة..
أمام هذا المشهد الحافل بالتوتر لا يسعنا إلا أن نقول "حسبنا الله ونعم الوكيل" .. فلمصلحة من يتم الاعتداء الشرس على شباب الحراك الإصلاحي؟ فهل مصلحة الدولة العليا وأمن الوطن واستقراره يتحققان بقمع الشباب والتنكيل بهم ؟ أو ليس من العار أن يعتقل الأحرار والإصلاحيون ويظل الفاسدون طلقاء يسرحون ويرتعون ؟   

إننا أمام هذا المشهد نؤكد على الاستمرار في حراكنا السلمي الراقي.. لان محركاتنا وطنية وموضوعية .. كما نؤكد إصرارنا على محاربة الفساد وإزالة كل آثاره ومحاسبة المفسدين ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب!!

فالإصلاح يحتاج إلى صالحين ومن ثم مصلحين .. وتحصين الوطن وحمايته وتنظيفه من الفساد والمفسدين هي المقدمة الأولى للإصلاح وإعادة البناء!!

وأما عن مسؤوليتنا في هذه المرحلة فتتركز في ضرورة تعزيز  جبهتنا الوطنية الإصلاحية بأن تتفاعل كل القوى وخاصة تلك التي مازالت تطل على المشهد من أبراج المراقبة .. فمسؤولية الإصلاح فرض عين، وأما المتفرجون والصامتون كالمتواطئين شركاء في جريمة الظلم التي نال من كل الأردنيين.. وعلينا كذلك إعادة  صياغة خطابنا الإصلاحي ليكون خطاباً جامعاً محدد الأهداف فـ(لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو اصلاح بين الناس)..
على ذلك لنشمر عن سواعدنا ونطوق خاصرة الوطن الأغلى.. فعلى هذا الدرب ماضون حتى النصر وإنجاز الإصلاح الكامل ( وما نيل المطالب بالتنمي   ولكن تؤخذ الدنيا غلابا)

وختاماً تحية لحرائر الطفيلة وأحرارها وشكراً لكم ..