د. عيدة المطلق قناة
حركات تغيير أردنية شبابية.. نشأت للتعبير عن مطالبها السياسية .. منها شباب 24 آذار .. وشباب الخامس عشر من نيسان ( تيمناً بهبة نيسان وإحياء لروحيتها) و "الهيئة الوطنية لمتابعة الملكية الدستورية"، و"الهيئة الوطنية للإصلاح" .. وغير ذلك من حركات سبقت كـ"ذبحتونا" .. وحركة "جايين " .. وكلها تجاوزت البنى والأطر السياسية التقليدية .. إذ جاءت عابرة للأطياف والألوان والأفكار .. ولكنها التقت على مطالب "جامعة" قاعدتها "إصلاح سياسي ودستوري جذري" .. شباب أتقنوا أدوات العصر وأسلحته .. وآمنوا بمنهج التغيير السلمي ، والتعبير السلمي ..و صاغوا مطالبهم بعبارات سهلة مباشرة.. وشعارات رشيقة .. وأطلقوا باكورة حراكهم الخاص يوم الرابع والعشرين من آذار 2011 في ميدان جمال عبد الناصر في عمان.. ولكن قدر لهذا اليوم "الجميل" .. أن ينتهي نهاية مخزية محزنة يوم " الجمعة الحزينة "..
على أن هذه الجمعة لم تكن معزولة عما قبلها فقد سبقتها مقدمات منذرة ومقلقة منها ما عرفناه ومنها ما لم نعرفه بعد ..
لقد عرفنا ( مثلاً ) عن اعتقال شباب من أمام الجامعة الأردنية على خلفية توزيع بيان للدعوة لاعتصام الخميس الرابع والعشرين من آذار .. كما عرفنا منها سلسلة من التهديد .. والترهيب والتخويف .. طالت الكثيرين من عناصر الحراك الشبابي وعائلاتهم ..
تم الاعتصام بالشكل الذي أراده منظموه .. سلمياً منظماً منسقاً .. حضارياً .. ونجح في كسب المؤيدين وأخذت فئات جديدة تلتحق بهم .. ولكن ما أن انقضت ساعات على هذا المشهد الرائع .. حتى أخذت الإجراءات المنذرة بالخطر تتوالى .. بدأت بقطع الكهرباء عن منطقة الاعتصام .. وبتواجد كثيف لقوات الدرك .. كما تم إغلاق الطرق المؤدية إلى المنطقة .. ولكنها فتحت لتسمح بوصول مجموعة كبيرة من "المناهضين" ممن تم استقدامهم من مختلف مناطق المملكة بحافلات فارهة .. مزودين بيافطات جاهزة.. ومسلحين بالحجارة والهراوات والسكاكين .. وبذخيرة من شعارات عنصرية وشتائم بذيئة.. والأهم من ذلك .. أنهم ممن يتوفرون على مهارة عالية في الضرب والجر والسحب.. والصفع .. حتى الموت أو فقدان الوعي .. !!
تحول المشهد من اعتصام سلمي حضاري ..إلى استعراض مأساوي للقمع .. وتحولت الساحة إلى ساحة معركة .. جندها "بلطجية" .. وأسلحتها حجارة وعصي وخشب البناء .. وخراطيم مياه أغرقت المكان بساكنيه .. وتحولت هتافات الإصلاح والتغني بالوطن.. إلى شتائم تغرف من قاموس البذاءة أحطها "ضد المعتصمين" !!
لقد كشفت أحداث "الجمعة الحزينة " عن ارتباك وتناقض ومفارقات مقلقة من مؤشراتها:
1. جاء هذا العنف المفرط في نفس اليوم الذي أرسل فيه رئيس الوزراء رده على التوجيهات الملكية الحازمة للحكومة بـ"الإسراع في الإصلاح" .. هذا الرد الحكومي جاء حافلاً بالتعهدات والإلتزامات الإصلاحية وفي مقدمتها "احترام الحريات العامة.. والإلتزام بعدم المساس بحريّة الرأي أو التضييق على الشباب والحدّ من طاقاتهم؛ .. والتعهد بـ"دعم وصيانة حق الطلاب والشباب في التعبير والتنظيم والمشاركة دون أيّ عائق أو تدخل.. والنص على ذلك بالحرف " تتعهّد الحكومة، منذ اللحظة، بأن زمن التدخل في شؤون الطلاب واتحاداتهم وتفكيرهم السياسيّ، قد انتهى وإلى غير رجعة."
2. جاء الإعلام ليكون أول الضحايا .. إذ ضرب الإعلاميون .. وصوردت كاميراتهم .. وكسرت أيدي بعضهم .. ناهيك عن صليات السباب والقدح والتحقير .. رغم تعهد الحكومة المكتوب للملك بـ"ضمان حرية الإعلام ... ودعم دوره كأداة فاعلة في التنمية الاقتصادية وفي التغيير الاجتماعي والثقافي الإيجابي" ..
3. أما المفارقة الثالثة .. فجاءت من خلال وصف المعتصمين بـ"مثيري الفتنة" .. وعبر المس بالوحدة الوطنية حين تم تصنيف المعتصمين بحسب الأصول والمنابت .. وحين تم تحميل "الحركة الإسلامية" مسؤولية الاعتصام .. وما جرى فيه" .. واتهامها "بتنفيذ أجندات وتعليمات من الخارج " ..وكل ذلك جاء في نكوص كامل عن التعهد الحكومي للملك بصيانة "حقوق المواطنة" .. واحترام "حق الاختلاف" .. وتأكيد "التقدير الكبير لدور المعارضة الأردنية في خدمة الوطن ومسيرته، من موقعها، كجزء من النسيج، وكحق مصان، لا يُسمح بتجاوزه أو التعدّي عليه."
فأي صيانة لحقوق المواطنة حين يتم تصنيف الناس على قاعدة الأصول والمنابت ..أو حين تتم شيطنتهم مع تياراتهم الفكرية ؟؟
وكيف لنا أن نثق بالتعهدات والوعود بعد أن تم نكث العهود الحكومية للملك - دون غيره - وغير مرة؟؟
وأي احترام للمعارضة ؟؟
وماذا كانت مخرجات تلك الواقعة المؤلمة ؟؟
فماذا كانت النتائج ؟ كانت مؤسفة فهناك شبه إجماع بأن ما جرى يوم "الجمعة الحزينة" ( 25/3/2011) أعاد الأمور في مسيرة الإصلاح والدمقرطة إلى المربع الأول .. ومن أمثلة المؤشرات على هذه الانتكاسة مايلي:
• هناك توتر شديد ساد الأردن - كل الأردن - وما زالت تداعياته تتوالى .. فقد سال الدم .. وتعمقت الجراح حين سقط بسلاح البلطجة "الشهيد الأول" على طريق التغيير والإصلاح .. إلى جانب عشرات الجرحى .. !!
• أما عن صورة الأردن فقد طالها تشوه خطير .. !!
• أما النسيج الاحتماعي فقد أصابه أذى كثيراً .. مما دفع بالعديد من رموز الوطن يعلنون عن مخاوفهم .. ( ومنهم أحمد عبيدات) إذ يرى بأن " النسيج الإجتماعي بات هشا بعد "الوقيعة" القاسية بحق المعتصمين".!!
• تبددت الثقة بقدرة الحكومة على انجاز الاصلاح .. ويبدو من هذه الممارسة بأنها حتى تاريخه لم تتجاوز سياسة الاقصاء.. رغم افتعالها لخطاب تصالحي هش سرعان ما يرتكس في الاتهامية والتبريرية.. وتصدير أزماتها !!
لقد طرحت الأحداث بما أحدثته من جراح في الجسد والروح الأردنية عشرات الأسئلة المقلقة وكلها تحتاج إلى تدبر لعل منها :
• هل الاستعراض البائس للقمع على "دوار الداخلية" يمثل سياسة أم استراتيجية ؟؟ .. فإن كان كذلك فبئست السياسة وبئست الاستراتيجية .. لأن هذه السياسية إنما هي لعب بالنار .. وقيادة للبلد نحو المجهول ..!!
• ألا يشكل الخطاب الرسمي القائم على التشكيك والفتنة تهديداً للأمن القومي ؟
• بعد تكرار حوادث البلطجة .. هل نحن أمام شرعنة لسلاح البلطجة .. وهل نحن بصدد تجنيد كتيبة البلطجية ؟؟
• وهل هذا هو الدرب المطلوب منا أن نسلكه.. فإن كان كذلك ما هو عدد الشهداء المطلوب منا إعدادهم حتى يتحقق الإصلاح المنشود.. - ولا أقول التغيير - ؟
وحتى يتبين لنا الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر.. أتمنى للأردنيين جمعة آمنة مطمئنة .. خالية من البلطجة ومرادفاتها!!
eidehqanah@yahoo.com
الخميس، 31 مارس 2011
الخميس، 24 مارس 2011
الأربعاء، 23 مارس 2011
ثورة ليبيا.. وقصف الأشقاء
ثورة ليب
يا.. وقصف الأشقاء
د.عيدة المطلق قناة
لعل الكثيرين منا أخذته الدهشة حين ظهر العقيد القذافي "ليلة هروب بن علي" معنفاً التونسيين على ثورتهم .. وربما خفت الدهشة حين خرج مدافعاً عن " حسني مبارك" وشهادته على فقره وما يقدم لهذا المبارك من "صدقات" ( تقيم أوده).. !!
كان من الممكن أن نقبل بمثل هذا النسق من التصريحات في باب "النوادر والطرائف".. إلا أن هذه "الشطحات" حين تصبح نهجاً يتم الترويج له صباح مساء .. لتنال من منظومة القيم التي تحكم العلاقة بين الحاكم والمحكومين .. وتقدم التسويغ النظري لسيرة حكم امتد لأربعة عقود ونيف .. شهدت الويلات والعجائب .. وعانى الليبيون بسببها ما لم يعانيه شعب من الشعوب ... عندها لا بد من إعادة قراءة تلك السيرة .. لعلها تفسر كل ما صدر عن هذا النظام البائس من ردات أفعال تجاه ثورة السابع عشر من فبراير السلمية.. وهذه القراءة بالتأكيد سوف تكشف عن أستار سميكة ظلت تغطي وجه هذا النظام الذي طالما تدثر بعباءات الثورية والعالمية والإنسانية ناهيك عن القيادة الإسلامية والقومية.. نكتفي بالإشارة إلى ثلاثة مواقف تقع في باب المسكوت عنه في هذا النظام لعلها تجيب على سؤال: " من هو الخائن والعميل ومن هو الذي استعان بالعدو؟؟"
1. الدور الإسرائيلي في قمع الثورة : كل الشواهد والتفاصيل.. وما وقع بأيدي الثوار من شظايا وأسلحة تؤكد الدور "الإسرائيلي" في الحرب التي يشنها القذافي على الليبيين .. للبقاء في حكم ليبيا – وما أدراك ما ليبيا ؟- وجعلها ملكاً متوارثاً في سلالته .. إلى أبد الآبدين.
• فما يكشفه الثوار – يومياً- من هذه الشواهد يؤكد ما ذكرته وسائل الإعلام عن تعاقد نظام القذافي مع شركة "غلوبال الأمنية " الصهيونية .. وتستحضر معها وقائع "صهيو- قذافية" سابقة منها.. وفود "الحجيج القذافي" للقدس ... والعرض المقدم من قبل القذافي لـ(مائير كهلون ) (رئيس المنظمة العالمية لليهود الليبيين) .. لتأسيس حزب سياسي يؤهلهم لدخول (كنيست ما يسمى بـ"إسرائيل" – بحسب القذافي)
2. استخدام وتجنيد المرتزقة : كشفت مجريات القتال مع كتائب القذافي أن غالبية من وقعوا أسرى بأيدي الثوار هم من المرتزقة .. لقد أكد "المندوب الليبي الدائم" لدي الامم المتحدة عبد الرحمن شلقم .. "تورط القذافي مع جهات مشبوهة في جلب المرتزقة من خارج البلاد".. كما أكد السفير الليبي لدى الهند "علي العيساوي" "استخدام السلطات الليبية لمرتزقة أفارقة ضد الليبيين المحتجين "
• فإذا ما ربطنا هذه الوقائع والتصريحات مع ما تناقلته وسائل الإعلام بهذا الخصوص.. فعلى خطى الاحتلال الأمريكي للعراق وحكوماته في التعاقد مع شركات المرتزقة الأمنية ومنها " بلاكووتر وأخواتها" .. تعاقد "نظام القذافي" مع شركة غلوبال الأمنية (الصهيونية ) لتجنيد (50 ألف) مرتزق .. مقابل (50) مليار دولار .. ولتوفير خدمات عسكرية أخرى مثل ذخائر وأجهزة المراقبة الليلية فضلا عن صور بالأقمار الصناعية
3. الفساد ونهب المال العام وتبديد الثروات: إن ما كشف من مستور امبراطورية آل القذافي المالية ( وما يرتبط بها من فساد مالي وأخلاقي وسياسي ) يشير إلى أن هناك " فجوة بالغة من مليارات الدولارات تظهر سنويًا بين عائدات النفط والغاز الليبي وبين الإنفاق الحكومي"، مؤكدة أن هذا الخلل الواضح بين حجم العائدات وحجم الإنفاق هو المصدر الرئيسي لثروة القذافي وحاشيته... ومع ملاحظة عدم إمكانية الفصل بين ثروة "العائلة الحاكمة وأموال الدولة" بشكل عام، لأن القذافي وحاشيته يتصرفون في أموال الدولة وكأنها ملك شخصي..فإن حجم ثروة القذافي لوحده تقدر بـ80 مليار دولار، وقد تتجاوز ثروة العائلة ككل 150 مليار دولار .. ( بحسب ما ذكره الكاتب والمحلل السياسي السنونسي البسيكري في حوار مع دويتشه فيله ..وما كشفته "صحيفة الجارديان البريطانية" في عددها الصادر الأربعاء 22 فبراير 2011.. وما أكدته " صحيفة الفاينانشل تايمز") ..
أكتفي بهذا الغيض من فيض الممارسات القذافية .. فكل منها يطرح عشرات الأسئلة .. ويستثير عشرات الهواجس..
فمنذ اللحظة الأولى لاحظنا انقساماً في صفوف الناشطين العرب حول المسألة الليبية – انقسام لم نشهد مثله في الحالتين التونسية والمصرية – واتجه هذه الانقسام في عدة اتجاهات اكتفي منها بفريقين :
• فريق من المناضلين مازال ثابتاً على قيد الطهر الثوري والنضالي.. هذا الفريق عبر ويعبر عن مخاوف مشروعه .. ونجده مازال يقف حائراً في "أين ينبغي أن يكون الاصطفاف ؟ ...
• وهناك فريق آخر كان قد صدق "خرافة الثورية القذافية " فانخرط فيها .. ولكن حين تكشفت له العورات أدرك أنه في ورطة .. فمن هؤلاء من آثر الصمت والانتظار.. ليختار جهة الولاء .. ومنهم من انتظر الفرصة المواتية للهجوم المضاد على الثورة والثوار.. فجاء "القرار الدولي رقم 1973" ليوفر لهؤلاء منصة الإنطلاق..
هذا الفريق انطلق في هجمة مرتدة من التخوين والتشكيك بل والتعبئة والتحشيد والتأليب وحتى التسويغ لحملة الإبادة الجماعية .. وما آلت إليه من آلاف الشهداء ومن تدمير وحشي أحال المدن والبلدات الليبية إلى أكوام من الأطلال والخرائب ..
بالنسبة للفريق الأول الذي ما زال على نقائه وصدقه وطهره الثوري – نقول بأننا نشاطره مخاوفه المشروعة- ونكتفي بأسئلة ثلاثة لعل في إجابتها يستبين السبيل !!..
• ما هو التكييف الوطني للطريقة التي أدار بها نظام القذافي أزمة "لوكربي" ؟ وما هي الأثمان السياسية والفكرية التي تفوق بعشرات المرات ما دفع من أثمان مالية سجلت الدية الأعلى في التاريخ " ؟
• ما هو التكييف السياسي للطريقة التي تخلى فيها القذافي عن "ما يسمى بـ" البرنامج النووي الليبي ".. وما دفعه بعد ذلك من أثمان وطنية وسيادية ورشاوى مالية للمعسكر الغربي وفي مقدمته الولايات المتحدة لعله يشترى الرضى والقبول به راكعاً خاشعاً منصاعاً ؟؟
• ما هو التكييف الأخلاقي لما ارتكبه بحق حركات "التحرر" من أوروبا إلى أميركا اللاتينية وآسيا والتي بدد أموال ليبيا في دعمها بالمال والسلاح.. وحين انخرط في تسويق نفسه في الغرب .. عاد فكشف أسرار هذه الحركات وباعها لأعدائها ) ؟؟
• أما الخدمات القذافية المقدمة للغرب تحت يافطة حماية المتوسط ومكافحة "الهجرة غير الشرعية من أفريقيا إلى أوروبا" ... أو تحت يافطة "مكافحة الإرهاب" وتفكيك "إمارات القاعدة الإسلامية في المغرب العربي" .. فلها شأن آخر..
وأما بالنسبة للفريق الثاني فإن ردود أفعاله ومواقفه تستثير عشرات الأسئلة أكتفي ببعضها:
• ما هو التفسير "القومي والوطني والسيادي" لتصريحات القذافي التي تفيد بأن "زوال حكمه هو تهديد لأمن " ما يسمى بإسرائيل" ؟؟
• هل حقاً قام "الإعلام المغرض" بشيطنة القذافي .. فبالله عليكم هل ترك القذافي لأي إعلام فرصة لشيطنته .. ألم يفعل "قذاف الدم والشتائم والكراهية " كل ما يلزم ليستحوذ بلقب الشيطان الأكبر بين شياطين الإنس والجن على السواء؟؟
• هل ينبغي أن يظل الشعب الليبي صامتاً على ممارسات "سلالة الطغاة"؟؟
• من المسؤول عن عسكرة الثورة الليبية .. ؟ ألم يطلق الرصاص الحي على مظاهرات الليبيين منذ اللحظة الأولى ؟؟ ألم يسقط آلاف الشهداء.. ألم تدمر كتائب "هذا القذافي" كل ما طالته نيران أسلحتها الفتاكة من بنى ومرافق ومؤسسات .. وبنى تحتية ؟؟
• ألم ينتهك كل الحرمات ؟؟ ألم يدخل المرتزقة إلى الأحياء والبيوت تفتشها وتنتهك حرمات قاطنيها ؟؟ .. ألم يسمع العالم صرخات واستغاثات حرائر بنغازي .. ماذا فعل القذافي بالزاوية ومصراته وراس لانوف والزنتان.. وأجدابيا وطرابلس وبنغازي والبقية تتبع؟؟
• وهل كان ينبغي أن نبارك المجزرة .. وحرب الكراهية والحقد والضغينة التي يمارسها القذافي لننال الرضى ؟؟
• هل حقاً وضعنا القذافي أمام خيارين لا ثالث لهما .. فإما "حرباً صليبية" وإما البقاء في ظل القذافي قطعاناً من الأغنام مرشحة للذبح عند كل نزوة ؟
• وهل القذافي قدر ليبيا ؟؟ أم أنه ورثها مفروشة ؟؟
• وأخيراً هل صحيح أن الأمة اليوم في موات ؟؟ أو ليست الأمة اليوم في أعلى درجات الصحو واليقظة ؟؟
أسئلة مؤلمة وإجاباتها ربما تكون مؤذية .. أسئلة ماكان ينبغي أن تطرح لولا تلك الحملة الظالمة التي تتماهى - بحسن نية أو بسوئها - مع مخطط الإبادة المنهجي الذي يمارسه نظام القذافي ضد الشعب الليبي المجاهد..
فهل ننساق وراء حملة التخوين .. ونترك شعبنا لقمة سائغة لجنون الطاغية .. أم ننحاز بثقة ويقين لشعبنا وأمتنا ووجعنا ؟؟
eidehqanah@yahoo.com
يا.. وقصف الأشقاء
د.عيدة المطلق قناة
لعل الكثيرين منا أخذته الدهشة حين ظهر العقيد القذافي "ليلة هروب بن علي" معنفاً التونسيين على ثورتهم .. وربما خفت الدهشة حين خرج مدافعاً عن " حسني مبارك" وشهادته على فقره وما يقدم لهذا المبارك من "صدقات" ( تقيم أوده).. !!
كان من الممكن أن نقبل بمثل هذا النسق من التصريحات في باب "النوادر والطرائف".. إلا أن هذه "الشطحات" حين تصبح نهجاً يتم الترويج له صباح مساء .. لتنال من منظومة القيم التي تحكم العلاقة بين الحاكم والمحكومين .. وتقدم التسويغ النظري لسيرة حكم امتد لأربعة عقود ونيف .. شهدت الويلات والعجائب .. وعانى الليبيون بسببها ما لم يعانيه شعب من الشعوب ... عندها لا بد من إعادة قراءة تلك السيرة .. لعلها تفسر كل ما صدر عن هذا النظام البائس من ردات أفعال تجاه ثورة السابع عشر من فبراير السلمية.. وهذه القراءة بالتأكيد سوف تكشف عن أستار سميكة ظلت تغطي وجه هذا النظام الذي طالما تدثر بعباءات الثورية والعالمية والإنسانية ناهيك عن القيادة الإسلامية والقومية.. نكتفي بالإشارة إلى ثلاثة مواقف تقع في باب المسكوت عنه في هذا النظام لعلها تجيب على سؤال: " من هو الخائن والعميل ومن هو الذي استعان بالعدو؟؟"
1. الدور الإسرائيلي في قمع الثورة : كل الشواهد والتفاصيل.. وما وقع بأيدي الثوار من شظايا وأسلحة تؤكد الدور "الإسرائيلي" في الحرب التي يشنها القذافي على الليبيين .. للبقاء في حكم ليبيا – وما أدراك ما ليبيا ؟- وجعلها ملكاً متوارثاً في سلالته .. إلى أبد الآبدين.
• فما يكشفه الثوار – يومياً- من هذه الشواهد يؤكد ما ذكرته وسائل الإعلام عن تعاقد نظام القذافي مع شركة "غلوبال الأمنية " الصهيونية .. وتستحضر معها وقائع "صهيو- قذافية" سابقة منها.. وفود "الحجيج القذافي" للقدس ... والعرض المقدم من قبل القذافي لـ(مائير كهلون ) (رئيس المنظمة العالمية لليهود الليبيين) .. لتأسيس حزب سياسي يؤهلهم لدخول (كنيست ما يسمى بـ"إسرائيل" – بحسب القذافي)
2. استخدام وتجنيد المرتزقة : كشفت مجريات القتال مع كتائب القذافي أن غالبية من وقعوا أسرى بأيدي الثوار هم من المرتزقة .. لقد أكد "المندوب الليبي الدائم" لدي الامم المتحدة عبد الرحمن شلقم .. "تورط القذافي مع جهات مشبوهة في جلب المرتزقة من خارج البلاد".. كما أكد السفير الليبي لدى الهند "علي العيساوي" "استخدام السلطات الليبية لمرتزقة أفارقة ضد الليبيين المحتجين "
• فإذا ما ربطنا هذه الوقائع والتصريحات مع ما تناقلته وسائل الإعلام بهذا الخصوص.. فعلى خطى الاحتلال الأمريكي للعراق وحكوماته في التعاقد مع شركات المرتزقة الأمنية ومنها " بلاكووتر وأخواتها" .. تعاقد "نظام القذافي" مع شركة غلوبال الأمنية (الصهيونية ) لتجنيد (50 ألف) مرتزق .. مقابل (50) مليار دولار .. ولتوفير خدمات عسكرية أخرى مثل ذخائر وأجهزة المراقبة الليلية فضلا عن صور بالأقمار الصناعية
3. الفساد ونهب المال العام وتبديد الثروات: إن ما كشف من مستور امبراطورية آل القذافي المالية ( وما يرتبط بها من فساد مالي وأخلاقي وسياسي ) يشير إلى أن هناك " فجوة بالغة من مليارات الدولارات تظهر سنويًا بين عائدات النفط والغاز الليبي وبين الإنفاق الحكومي"، مؤكدة أن هذا الخلل الواضح بين حجم العائدات وحجم الإنفاق هو المصدر الرئيسي لثروة القذافي وحاشيته... ومع ملاحظة عدم إمكانية الفصل بين ثروة "العائلة الحاكمة وأموال الدولة" بشكل عام، لأن القذافي وحاشيته يتصرفون في أموال الدولة وكأنها ملك شخصي..فإن حجم ثروة القذافي لوحده تقدر بـ80 مليار دولار، وقد تتجاوز ثروة العائلة ككل 150 مليار دولار .. ( بحسب ما ذكره الكاتب والمحلل السياسي السنونسي البسيكري في حوار مع دويتشه فيله ..وما كشفته "صحيفة الجارديان البريطانية" في عددها الصادر الأربعاء 22 فبراير 2011.. وما أكدته " صحيفة الفاينانشل تايمز") ..
أكتفي بهذا الغيض من فيض الممارسات القذافية .. فكل منها يطرح عشرات الأسئلة .. ويستثير عشرات الهواجس..
فمنذ اللحظة الأولى لاحظنا انقساماً في صفوف الناشطين العرب حول المسألة الليبية – انقسام لم نشهد مثله في الحالتين التونسية والمصرية – واتجه هذه الانقسام في عدة اتجاهات اكتفي منها بفريقين :
• فريق من المناضلين مازال ثابتاً على قيد الطهر الثوري والنضالي.. هذا الفريق عبر ويعبر عن مخاوف مشروعه .. ونجده مازال يقف حائراً في "أين ينبغي أن يكون الاصطفاف ؟ ...
• وهناك فريق آخر كان قد صدق "خرافة الثورية القذافية " فانخرط فيها .. ولكن حين تكشفت له العورات أدرك أنه في ورطة .. فمن هؤلاء من آثر الصمت والانتظار.. ليختار جهة الولاء .. ومنهم من انتظر الفرصة المواتية للهجوم المضاد على الثورة والثوار.. فجاء "القرار الدولي رقم 1973" ليوفر لهؤلاء منصة الإنطلاق..
هذا الفريق انطلق في هجمة مرتدة من التخوين والتشكيك بل والتعبئة والتحشيد والتأليب وحتى التسويغ لحملة الإبادة الجماعية .. وما آلت إليه من آلاف الشهداء ومن تدمير وحشي أحال المدن والبلدات الليبية إلى أكوام من الأطلال والخرائب ..
بالنسبة للفريق الأول الذي ما زال على نقائه وصدقه وطهره الثوري – نقول بأننا نشاطره مخاوفه المشروعة- ونكتفي بأسئلة ثلاثة لعل في إجابتها يستبين السبيل !!..
• ما هو التكييف الوطني للطريقة التي أدار بها نظام القذافي أزمة "لوكربي" ؟ وما هي الأثمان السياسية والفكرية التي تفوق بعشرات المرات ما دفع من أثمان مالية سجلت الدية الأعلى في التاريخ " ؟
• ما هو التكييف السياسي للطريقة التي تخلى فيها القذافي عن "ما يسمى بـ" البرنامج النووي الليبي ".. وما دفعه بعد ذلك من أثمان وطنية وسيادية ورشاوى مالية للمعسكر الغربي وفي مقدمته الولايات المتحدة لعله يشترى الرضى والقبول به راكعاً خاشعاً منصاعاً ؟؟
• ما هو التكييف الأخلاقي لما ارتكبه بحق حركات "التحرر" من أوروبا إلى أميركا اللاتينية وآسيا والتي بدد أموال ليبيا في دعمها بالمال والسلاح.. وحين انخرط في تسويق نفسه في الغرب .. عاد فكشف أسرار هذه الحركات وباعها لأعدائها ) ؟؟
• أما الخدمات القذافية المقدمة للغرب تحت يافطة حماية المتوسط ومكافحة "الهجرة غير الشرعية من أفريقيا إلى أوروبا" ... أو تحت يافطة "مكافحة الإرهاب" وتفكيك "إمارات القاعدة الإسلامية في المغرب العربي" .. فلها شأن آخر..
وأما بالنسبة للفريق الثاني فإن ردود أفعاله ومواقفه تستثير عشرات الأسئلة أكتفي ببعضها:
• ما هو التفسير "القومي والوطني والسيادي" لتصريحات القذافي التي تفيد بأن "زوال حكمه هو تهديد لأمن " ما يسمى بإسرائيل" ؟؟
• هل حقاً قام "الإعلام المغرض" بشيطنة القذافي .. فبالله عليكم هل ترك القذافي لأي إعلام فرصة لشيطنته .. ألم يفعل "قذاف الدم والشتائم والكراهية " كل ما يلزم ليستحوذ بلقب الشيطان الأكبر بين شياطين الإنس والجن على السواء؟؟
• هل ينبغي أن يظل الشعب الليبي صامتاً على ممارسات "سلالة الطغاة"؟؟
• من المسؤول عن عسكرة الثورة الليبية .. ؟ ألم يطلق الرصاص الحي على مظاهرات الليبيين منذ اللحظة الأولى ؟؟ ألم يسقط آلاف الشهداء.. ألم تدمر كتائب "هذا القذافي" كل ما طالته نيران أسلحتها الفتاكة من بنى ومرافق ومؤسسات .. وبنى تحتية ؟؟
• ألم ينتهك كل الحرمات ؟؟ ألم يدخل المرتزقة إلى الأحياء والبيوت تفتشها وتنتهك حرمات قاطنيها ؟؟ .. ألم يسمع العالم صرخات واستغاثات حرائر بنغازي .. ماذا فعل القذافي بالزاوية ومصراته وراس لانوف والزنتان.. وأجدابيا وطرابلس وبنغازي والبقية تتبع؟؟
• وهل كان ينبغي أن نبارك المجزرة .. وحرب الكراهية والحقد والضغينة التي يمارسها القذافي لننال الرضى ؟؟
• هل حقاً وضعنا القذافي أمام خيارين لا ثالث لهما .. فإما "حرباً صليبية" وإما البقاء في ظل القذافي قطعاناً من الأغنام مرشحة للذبح عند كل نزوة ؟
• وهل القذافي قدر ليبيا ؟؟ أم أنه ورثها مفروشة ؟؟
• وأخيراً هل صحيح أن الأمة اليوم في موات ؟؟ أو ليست الأمة اليوم في أعلى درجات الصحو واليقظة ؟؟
أسئلة مؤلمة وإجاباتها ربما تكون مؤذية .. أسئلة ماكان ينبغي أن تطرح لولا تلك الحملة الظالمة التي تتماهى - بحسن نية أو بسوئها - مع مخطط الإبادة المنهجي الذي يمارسه نظام القذافي ضد الشعب الليبي المجاهد..
فهل ننساق وراء حملة التخوين .. ونترك شعبنا لقمة سائغة لجنون الطاغية .. أم ننحاز بثقة ويقين لشعبنا وأمتنا ووجعنا ؟؟
eidehqanah@yahoo.com
الأربعاء، 16 مارس 2011
أروع مقابلة- بين الشاطر وحبيب العادلي- بقلم: خالد إبراهيم
أروع مقابلة- بين الشاطر وحبيب العادلي-
بقلم: خالد إبراهيم
بعد قضائه أكثر من أربع سنوات من السنوات السبع التي حُكم بها عليه النظام البائد، وقبل مغادرة المهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، سجن طره، استقبله مأمور السجن في مكتبه ليهنِّئه ويودِّعه، وقال له: أعرف أنكم ظُلمتم كثيرًا، وأنا على استعداد لتلبية أية خدمة تطلبونها في أي وقت.
لمعت في رأس الشاطر فكرة، فقال للمأمور: أريد منك خدمةً شخصيةً صغيرةً، وعلى الرغم من دهشته لأنه لم يتعوَّدْ منهم على الطلبات الشخصية، فإنه أجابه على الفور: تحت أمرك. قال الشاطر: أريد زيارة حبيب العادلي.
ردَّ المأمور: ألا تعتقد أن هذا الأمر خارج عن صلاحياتي؟! أجابه الشاطر: يمكنك أن ترسل للعادلي في زنزانته من يستأذنه.
قبل المأمور الفكرة، واستدعى أحد ضباطه، وطلب منه أن يذهب للعادلي، وكانت المفاجأة أن هذا الضابط عاد على الفور يحمل الموافقة التي أدهشت الجميع.
فُتحت الزنزانة، وسُمح للشاطر بالدخول على العادلي، ودار بينهما الحوار التالي:
الشاطر: السلام عليكم.
العادلي (يحدق في الشاطر): رغم كل هذه السنوات لم تتغير ملامحك كثيرًا، فقط ازداد الشيب في شعرك، كنت أنظر إليك من خلال كاميرات لاظوغلي أثناء تحقيقات أمن الدولة معك، (يضحك بأسى) وبعد هذه الزيارة لن أراك إلا من خلال التليفزيون المصري، أنت تذكِّرني بيوسف الصديق.
الشاطر: أنا جئت..
العادلي: (مقاطعًا) أعرف أنك تريد أن تشمت بي، ولهذا السبب سمحت لك بزيارتي.
الشاطر: أولاً: الشماتة ليست من أخلاقنا، فهذه ليست أول مرة يدخل معنا السجن من قام بسجننا، ولعلك تذكر صلاح نصر ورفاقه الذين لم نشمت فيهم، ثانيًا: لماذا سمحت لي بالزيارة وأنت تظن أنني سأشمت بك؟!
العادلي: لأن ما حدث لي كان بسببكم.
الشاطر: نحن؟!
العادلي: لقد كنت أقوى وزير داخلية في العالم كله قديمًا وحديثًا، أكثر من مليون ونصف المليون رجل شرطة ينتظرون إشارة من أصبعي في أية لحظة، لم يكن يُعيَّن خفير أو مدير أو وزير، معيد أو عميد، إلا بإذن كتابي صريح من رجالي.. الرئيس لا يثق إلا في تقاريري حتى لو كانت ملفَّقةً، وما مَدْحُه لنا قبل الأحداث الأخيرة بيومين فقط إلا دليل على ذلك، ثم يحدث لي ما حدث، أنا على يقين أنها لم تكن قوة عادية أبدًا أبدًا.
الشاطر: ماذا تقصد؟!
العادلي: إنها السهام التي لا تخطئ.. إنها دعواتكم التي لم أستطع منعها أو التصدي لها، ولهذا سمحت لك برؤيتي على هذه الحال، لتشمت بي لعل هذا يرضيك ويجعلك تكف عن الدعاء عليّ.
الشاطر: ولماذا تظن أن دعائي هو الذي سبب لك هذا؟!
العادلي (يضحك بأسى): ألا تعرف التهمة التي أدخلتني هنا؟! إنها نفس التهمة التي لفقتها لك وأدخلتك بها هذا السجن: غسيل الأموال، على الرغم من أن هناك تهمًا أفظع يُحقق معي فيها كقتل المتظاهرين، لكنني لم أدخل في البداية إلى هنا إلا بتهمة غسيل الأموال، هل تريد دليلاً أكثر من هذا؟
الشاطر: هذه حكمة الله تعالى التي يجب أن نتعلم منها.
العادلي: لكنني لم أتعلم، لم أتعلم مما حدث للوزراء من قبلي: النبوي إسماعيل، زكي بدر، عبد الحليم موسى، وصولاً إلى هامان.
الشاطر: ما عليك الآن إلا التوبة.
العادلي: أظن أن توبتي غير مقبولة، فهي كالتوبة التي أعلنها فرعون حين أدركه الغرق.
الشاطر: أكثر من الاستغفار، فرحمة الله واسعة.
العادلي: أحس كأن الملائكة تضع طينًا في فمي، فأعجز عن النطق بكلمات الاستغفار.
الشاطر: من داوم قرع الباب فُتح له.
العادلي: أعطني مصحفك، لعلي أفهمه كما فهمتموه أنتم.
الشاطر(يخرجه من جيبه ويعطيه له): تفضل، لكنك لم تعرف حتى الآن لماذا جئتُ إليك.
العادلي: لماذا؟!
الشاطر: جئت لأخبرك أنني سامحتك، وليت الأمر بيدي، كنتُ طلبت من الشعب المصري كله أن يسامحك.
العادلي: بعد 12 سنة قضيتها في السجون، تأتي وتقول لي هذا الكلام.. الوداع يا أنبل الناس.. الوداع ( يمد العادلي يده مصافحًا ثم يحتضن الشاطر، فيغلبهما البكاء، العادلي يبكي ندمًا، والشاطر يبكي تأثرًا(
بقلم: خالد إبراهيم
بعد قضائه أكثر من أربع سنوات من السنوات السبع التي حُكم بها عليه النظام البائد، وقبل مغادرة المهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، سجن طره، استقبله مأمور السجن في مكتبه ليهنِّئه ويودِّعه، وقال له: أعرف أنكم ظُلمتم كثيرًا، وأنا على استعداد لتلبية أية خدمة تطلبونها في أي وقت.
لمعت في رأس الشاطر فكرة، فقال للمأمور: أريد منك خدمةً شخصيةً صغيرةً، وعلى الرغم من دهشته لأنه لم يتعوَّدْ منهم على الطلبات الشخصية، فإنه أجابه على الفور: تحت أمرك. قال الشاطر: أريد زيارة حبيب العادلي.
ردَّ المأمور: ألا تعتقد أن هذا الأمر خارج عن صلاحياتي؟! أجابه الشاطر: يمكنك أن ترسل للعادلي في زنزانته من يستأذنه.
قبل المأمور الفكرة، واستدعى أحد ضباطه، وطلب منه أن يذهب للعادلي، وكانت المفاجأة أن هذا الضابط عاد على الفور يحمل الموافقة التي أدهشت الجميع.
فُتحت الزنزانة، وسُمح للشاطر بالدخول على العادلي، ودار بينهما الحوار التالي:
الشاطر: السلام عليكم.
العادلي (يحدق في الشاطر): رغم كل هذه السنوات لم تتغير ملامحك كثيرًا، فقط ازداد الشيب في شعرك، كنت أنظر إليك من خلال كاميرات لاظوغلي أثناء تحقيقات أمن الدولة معك، (يضحك بأسى) وبعد هذه الزيارة لن أراك إلا من خلال التليفزيون المصري، أنت تذكِّرني بيوسف الصديق.
الشاطر: أنا جئت..
العادلي: (مقاطعًا) أعرف أنك تريد أن تشمت بي، ولهذا السبب سمحت لك بزيارتي.
الشاطر: أولاً: الشماتة ليست من أخلاقنا، فهذه ليست أول مرة يدخل معنا السجن من قام بسجننا، ولعلك تذكر صلاح نصر ورفاقه الذين لم نشمت فيهم، ثانيًا: لماذا سمحت لي بالزيارة وأنت تظن أنني سأشمت بك؟!
العادلي: لأن ما حدث لي كان بسببكم.
الشاطر: نحن؟!
العادلي: لقد كنت أقوى وزير داخلية في العالم كله قديمًا وحديثًا، أكثر من مليون ونصف المليون رجل شرطة ينتظرون إشارة من أصبعي في أية لحظة، لم يكن يُعيَّن خفير أو مدير أو وزير، معيد أو عميد، إلا بإذن كتابي صريح من رجالي.. الرئيس لا يثق إلا في تقاريري حتى لو كانت ملفَّقةً، وما مَدْحُه لنا قبل الأحداث الأخيرة بيومين فقط إلا دليل على ذلك، ثم يحدث لي ما حدث، أنا على يقين أنها لم تكن قوة عادية أبدًا أبدًا.
الشاطر: ماذا تقصد؟!
العادلي: إنها السهام التي لا تخطئ.. إنها دعواتكم التي لم أستطع منعها أو التصدي لها، ولهذا سمحت لك برؤيتي على هذه الحال، لتشمت بي لعل هذا يرضيك ويجعلك تكف عن الدعاء عليّ.
الشاطر: ولماذا تظن أن دعائي هو الذي سبب لك هذا؟!
العادلي (يضحك بأسى): ألا تعرف التهمة التي أدخلتني هنا؟! إنها نفس التهمة التي لفقتها لك وأدخلتك بها هذا السجن: غسيل الأموال، على الرغم من أن هناك تهمًا أفظع يُحقق معي فيها كقتل المتظاهرين، لكنني لم أدخل في البداية إلى هنا إلا بتهمة غسيل الأموال، هل تريد دليلاً أكثر من هذا؟
الشاطر: هذه حكمة الله تعالى التي يجب أن نتعلم منها.
العادلي: لكنني لم أتعلم، لم أتعلم مما حدث للوزراء من قبلي: النبوي إسماعيل، زكي بدر، عبد الحليم موسى، وصولاً إلى هامان.
الشاطر: ما عليك الآن إلا التوبة.
العادلي: أظن أن توبتي غير مقبولة، فهي كالتوبة التي أعلنها فرعون حين أدركه الغرق.
الشاطر: أكثر من الاستغفار، فرحمة الله واسعة.
العادلي: أحس كأن الملائكة تضع طينًا في فمي، فأعجز عن النطق بكلمات الاستغفار.
الشاطر: من داوم قرع الباب فُتح له.
العادلي: أعطني مصحفك، لعلي أفهمه كما فهمتموه أنتم.
الشاطر(يخرجه من جيبه ويعطيه له): تفضل، لكنك لم تعرف حتى الآن لماذا جئتُ إليك.
العادلي: لماذا؟!
الشاطر: جئت لأخبرك أنني سامحتك، وليت الأمر بيدي، كنتُ طلبت من الشعب المصري كله أن يسامحك.
العادلي: بعد 12 سنة قضيتها في السجون، تأتي وتقول لي هذا الكلام.. الوداع يا أنبل الناس.. الوداع ( يمد العادلي يده مصافحًا ثم يحتضن الشاطر، فيغلبهما البكاء، العادلي يبكي ندمًا، والشاطر يبكي تأثرًا(
انتفاضة العراق .. بين القمع والصمت
نتفاضة العراق .. بين القمع والصمت
د. عيدة المطلق قناة
كرة الحراك الشعبي التي انطلقت منذ الرابع عشر من يناير تتدحرج .. وتقطع عدداً من المحطات .. ونتوقف في هذه العجالة عند محطة الخامس والعشرين من فبراير العراقية .. حين أخذت مدن العراق وميادين التحرير فيه تشهد إرهاصات ثورة .. تدل معظم مؤشراتها على احتمالية ارتفاع منسوبها واتساع قاعدتها وتصاعد زخمها..
الانتفاضات العربية كلها واجهت أعداء وقوى شد عكسي .. إلا أن انتفاضة العراق يبدو أنها متعددة الأعداء والخصوم وقوى الثورة المضادة .. فهي في مواجهة الاحتلال وحكومة المنطقة الخضراء وشركاتهم الأمنية من جهة.. وإيران وأجهزتها المتغلعلة في مفاصل الدولة العراقية من جهة ثانية .. وأحزاب العملية السياسية والمنتفعين من جهة ثالثة .. وحكومة كردستان من جهة رابعة .. فضلا عن قوى خفية أخرى.. ناهيك عن التعتيم الإعلامي الذي يفرضه إعلام مذعور مرعوب ... يعزف عن تغطية مجريات الانتفاضة العراقية.. وإن فعل فيبتسر الصورة ويغطي على كثير من الحقائق ..
كل هذه القوى تبدو وكأنها تتعاون في ما بينها لتجعل مهمة الثوار العراقيين شبه مستحيلة ..
فبعد ثمان سنوات احتلال .. وحكومات عميلة فاسدة .. خرج العراقيون تدفعهم فطرة المواطنة وحس الكرامة الوطنية والإنسانية .. خرجوا يعلنون الغضب والندم والكرامة .. خرجوا باختصار لإسقاط النظام وإنهاء الاحتلال وإلغاء الاتفاقية الأمنية معه ..( أي لإسقاط معادلة الصمت والخضوع)!!
لقد أدرك الشباب العراقي أن كل مافي هذا العراق مستباح .. وأن كل إنسان فيه كائناً ما كان هو برسم المداهمة والاعتقال .. والخطـف والقتـل.. التفجيـروالتهجيـر والتجويع ..
وجد العراقيون أنهم أمام وطن منهوب بدءا من أموال البطاقة التمويينة وأموال تطوير بغداد .. وصولاً إلى عقود النفط .. وبيع أثمن الآثار العراقية ..
وجدوا أن وطنهم بات وطناً للكوارث والمآسي الإنسانية ..
وجدوا أنفسهم أمام سؤال الطائفية والعرقية المعقد .. التي قد يفقدهم حياتهم عند أي خط من خطوط التماس .. وجدوا أنهم أمام وعي يراد له أن يتشكل عبر مفردات الاجتثاث والقتل على الهوية ..
فكان لا بد لهم من الانتفاض والثورة ...إعلانا للغضب ..واحتجاجا على الظلم والطغيان.. وتأكيداً على أنهم ما زالوا أحياء ينتمون لوطن الحضارات ..
فكانت انتفاضة الرفض .. انتفاضة التغيير والكرامة والانتصار للإرادة الوطنية الحرة..
انتفاضة من أجل عراق حر إنساني . .
انتفاضة من أجل نهضة العراق ورفعته ودوره اللائق به بين الأمم والأوطان..
انتفاضة لإسقاط كل ما سعى الاحتلال وحكوماته إلى تكريسه من مفاهيم ووقائع على الأرض والإنسان..
فكان من المتوقع أن يأتي الرد الحكومي على ما جاء علبه.. فالمالكي رغم محاولاته للاختباء خلف معسول الأكاذيب وخداع العملية السياسية .. فإنه سرعان ما يعود لموقعه كرئيس حكومة عميلة غير وطنية ..
استبق الانتفاضة بسلسلة من التهديد والتخويف والإرهاب والترغيب والرشاوى ..ورفع عدد من الفزاعات والرسائل لمن يهمه الأمر في الخارج.. وما أسهل أن تقصف هذه الطغم المستبدة شعوبها بفزاعات الإرهاب والأجندات الخارجية والعمالة والغوغائية .. - فسبحان الله- يكاد المريب أن يقول خذوني.. وكل إناء بما فيه ينضح!!
عزف الطبالون والزمارون على تصريحات مكرورة مملة من شاكلة أن التظاهرات (مضيعة للوقت واعاقة للحياة) .. وعجبي – إذ لا أدري - أي حياة تعيقها هذه المظاهرات؟؟
لقد استبقت الحكومة الانتفاضة بعشرات الإجراءات التعسفية من أمثلتها إغلاق الجسور المؤديه الى ساحة التحرير .. والإيعاز لعناصر الأمن بتفريق المتظاهرين بالقوه وإن تطلب الامر إطلاق الرصاص الحي ... وطرد المراسلين والمصورين .. وإعلان حظر التجوال في جميع أنحاء العراق ... ومداهمة بيوت قادة التظاهر .. وصولاً إلى حد منع ذوي الشهداء الذين سقطوا في التظاهرات من دفن شهدائهم.. ومن ثم تكريم القاده والضباط "المتميزين" بقمع المتظاهرين وقتل الابرياء وترقيتهم .. ومنحهم قطع أراضي مميزه ومبالغ مالية هائلة تراوحت ما بين عشرة ملايين الى مائة مليون . ( ولما لا فالمالكي ورث العراق عن جده )!!
كل هذا الفجور يجري دون أن يستفز أحد من أركان العملية السياسية البائسة.. لم ينبس أحد بكلمة .. لا مجلس الرئاسة .. ولا مجلس النواب .. ولا حتى من يزعمون بأنهم في المعارضة.. فكلهم ظهروا لنا صما بكما عمياً .. – لاعافاهم الله - !!
وأما عن العرب .. فلا دور ولا كلمة .. فحسبنا الله ونعم الوكيل ..
.. أما الدور الأمريكي والأوروبي فهو دور طبيعي متوافق مع سلوك ودور قوى محتلة .. وبالتالي لا تصح المقارنة بالحالة المصرية أو التونسية أو الليبية .. فمن غير المعقول أن نتوقع من الأمريكيين أو الأوروبيين .. الضغط على المالكي لوقف الانتهاكات التي يمارسها أو حتى التخفيف منها .. وهم قد جاءوا به ورتبوا له المسرح ليظل جاثماً على العراق ينهب ثرواته دون حسيب ولا رقيب .. مكرساًُ للاحتلال وحارساً لمصالحه !!
ولكن وبالرغم من كل هذا الصمت المريب على قمع ثوار العراق بهذه الوحشية .. فإن الانتفاضة ماضية .. ومتصاعدة ومتواصلة .. وسوف تكسب مع الأيام المزيد من الأنصار والساحات .. فمن جمعة الغضب ... إلى جمعة الكرامة والشهداء.. فجمعة الندم .. إلى أيام قادمة تتوالي على درب إعادة العراق لأهلة ومواطنيه الحقيقيين .. وتطهيره ليكون وطناً لجميع مواطنيه ..
eidehqanah@yahoo.com
د. عيدة المطلق قناة
كرة الحراك الشعبي التي انطلقت منذ الرابع عشر من يناير تتدحرج .. وتقطع عدداً من المحطات .. ونتوقف في هذه العجالة عند محطة الخامس والعشرين من فبراير العراقية .. حين أخذت مدن العراق وميادين التحرير فيه تشهد إرهاصات ثورة .. تدل معظم مؤشراتها على احتمالية ارتفاع منسوبها واتساع قاعدتها وتصاعد زخمها..
الانتفاضات العربية كلها واجهت أعداء وقوى شد عكسي .. إلا أن انتفاضة العراق يبدو أنها متعددة الأعداء والخصوم وقوى الثورة المضادة .. فهي في مواجهة الاحتلال وحكومة المنطقة الخضراء وشركاتهم الأمنية من جهة.. وإيران وأجهزتها المتغلعلة في مفاصل الدولة العراقية من جهة ثانية .. وأحزاب العملية السياسية والمنتفعين من جهة ثالثة .. وحكومة كردستان من جهة رابعة .. فضلا عن قوى خفية أخرى.. ناهيك عن التعتيم الإعلامي الذي يفرضه إعلام مذعور مرعوب ... يعزف عن تغطية مجريات الانتفاضة العراقية.. وإن فعل فيبتسر الصورة ويغطي على كثير من الحقائق ..
كل هذه القوى تبدو وكأنها تتعاون في ما بينها لتجعل مهمة الثوار العراقيين شبه مستحيلة ..
فبعد ثمان سنوات احتلال .. وحكومات عميلة فاسدة .. خرج العراقيون تدفعهم فطرة المواطنة وحس الكرامة الوطنية والإنسانية .. خرجوا يعلنون الغضب والندم والكرامة .. خرجوا باختصار لإسقاط النظام وإنهاء الاحتلال وإلغاء الاتفاقية الأمنية معه ..( أي لإسقاط معادلة الصمت والخضوع)!!
لقد أدرك الشباب العراقي أن كل مافي هذا العراق مستباح .. وأن كل إنسان فيه كائناً ما كان هو برسم المداهمة والاعتقال .. والخطـف والقتـل.. التفجيـروالتهجيـر والتجويع ..
وجد العراقيون أنهم أمام وطن منهوب بدءا من أموال البطاقة التمويينة وأموال تطوير بغداد .. وصولاً إلى عقود النفط .. وبيع أثمن الآثار العراقية ..
وجدوا أن وطنهم بات وطناً للكوارث والمآسي الإنسانية ..
وجدوا أنفسهم أمام سؤال الطائفية والعرقية المعقد .. التي قد يفقدهم حياتهم عند أي خط من خطوط التماس .. وجدوا أنهم أمام وعي يراد له أن يتشكل عبر مفردات الاجتثاث والقتل على الهوية ..
فكان لا بد لهم من الانتفاض والثورة ...إعلانا للغضب ..واحتجاجا على الظلم والطغيان.. وتأكيداً على أنهم ما زالوا أحياء ينتمون لوطن الحضارات ..
فكانت انتفاضة الرفض .. انتفاضة التغيير والكرامة والانتصار للإرادة الوطنية الحرة..
انتفاضة من أجل عراق حر إنساني . .
انتفاضة من أجل نهضة العراق ورفعته ودوره اللائق به بين الأمم والأوطان..
انتفاضة لإسقاط كل ما سعى الاحتلال وحكوماته إلى تكريسه من مفاهيم ووقائع على الأرض والإنسان..
فكان من المتوقع أن يأتي الرد الحكومي على ما جاء علبه.. فالمالكي رغم محاولاته للاختباء خلف معسول الأكاذيب وخداع العملية السياسية .. فإنه سرعان ما يعود لموقعه كرئيس حكومة عميلة غير وطنية ..
استبق الانتفاضة بسلسلة من التهديد والتخويف والإرهاب والترغيب والرشاوى ..ورفع عدد من الفزاعات والرسائل لمن يهمه الأمر في الخارج.. وما أسهل أن تقصف هذه الطغم المستبدة شعوبها بفزاعات الإرهاب والأجندات الخارجية والعمالة والغوغائية .. - فسبحان الله- يكاد المريب أن يقول خذوني.. وكل إناء بما فيه ينضح!!
عزف الطبالون والزمارون على تصريحات مكرورة مملة من شاكلة أن التظاهرات (مضيعة للوقت واعاقة للحياة) .. وعجبي – إذ لا أدري - أي حياة تعيقها هذه المظاهرات؟؟
لقد استبقت الحكومة الانتفاضة بعشرات الإجراءات التعسفية من أمثلتها إغلاق الجسور المؤديه الى ساحة التحرير .. والإيعاز لعناصر الأمن بتفريق المتظاهرين بالقوه وإن تطلب الامر إطلاق الرصاص الحي ... وطرد المراسلين والمصورين .. وإعلان حظر التجوال في جميع أنحاء العراق ... ومداهمة بيوت قادة التظاهر .. وصولاً إلى حد منع ذوي الشهداء الذين سقطوا في التظاهرات من دفن شهدائهم.. ومن ثم تكريم القاده والضباط "المتميزين" بقمع المتظاهرين وقتل الابرياء وترقيتهم .. ومنحهم قطع أراضي مميزه ومبالغ مالية هائلة تراوحت ما بين عشرة ملايين الى مائة مليون . ( ولما لا فالمالكي ورث العراق عن جده )!!
كل هذا الفجور يجري دون أن يستفز أحد من أركان العملية السياسية البائسة.. لم ينبس أحد بكلمة .. لا مجلس الرئاسة .. ولا مجلس النواب .. ولا حتى من يزعمون بأنهم في المعارضة.. فكلهم ظهروا لنا صما بكما عمياً .. – لاعافاهم الله - !!
وأما عن العرب .. فلا دور ولا كلمة .. فحسبنا الله ونعم الوكيل ..
.. أما الدور الأمريكي والأوروبي فهو دور طبيعي متوافق مع سلوك ودور قوى محتلة .. وبالتالي لا تصح المقارنة بالحالة المصرية أو التونسية أو الليبية .. فمن غير المعقول أن نتوقع من الأمريكيين أو الأوروبيين .. الضغط على المالكي لوقف الانتهاكات التي يمارسها أو حتى التخفيف منها .. وهم قد جاءوا به ورتبوا له المسرح ليظل جاثماً على العراق ينهب ثرواته دون حسيب ولا رقيب .. مكرساًُ للاحتلال وحارساً لمصالحه !!
ولكن وبالرغم من كل هذا الصمت المريب على قمع ثوار العراق بهذه الوحشية .. فإن الانتفاضة ماضية .. ومتصاعدة ومتواصلة .. وسوف تكسب مع الأيام المزيد من الأنصار والساحات .. فمن جمعة الغضب ... إلى جمعة الكرامة والشهداء.. فجمعة الندم .. إلى أيام قادمة تتوالي على درب إعادة العراق لأهلة ومواطنيه الحقيقيين .. وتطهيره ليكون وطناً لجميع مواطنيه ..
eidehqanah@yahoo.com
الثلاثاء، 15 مارس 2011
كلمة في مهرجان " الحرية لأحمد الدقامسة "- الأحد 13/ 3/ 2011
كلمة
د. عيدة المطلق قناة
في مهرجان " الحرية لأحمد الدقامسة "
الأحد 13/ 3/ 2011
في الثاني عشر من مارس المجيد من عام 1997 .. وبينما نحن في اعتصام احتجاجي نسائي أمام السفارة الأمريكية في عمان .. جاءتنا البشرى بانطلاق رصاصات أحمد الدقامسة في الباقورة..
رصاصات مزقت وإلى الأبد تلك الصفحة السوداء المخجلة التي ألصقوها عنوة بتاريخنا الأردني الضارب في الحضارة ..
رصاصات مدوية معلنة ولادة جديدة لشعبنا .. بعد أن وضعوه في ثلاجة الأجنة عقوداً عجافاً ..
واليوم وفي الذكرى الرابعة عشرة للبطولة والولادة نجتمع اليوم لنقول
تبت كل الأيدي التي زورت .. تاريخنا وكل ضمائرنا.. وتبت كل الأيدي التي أحرقت سفننا .. وقطعت وصلنا .. وشوهت صورتنا .. وعبثت بمقدراتنا ..
وسلمت يمناك يا أحمد الدقامسة .. فشكراً لك .. نحن مدينون لك .. إذ أخرجتنا بكرامة على شرط الجبن والانصياع .. وعلى شرط الهزيمة والركوع
شكراً .. رصاصاتك البليغات .. حررت صوتنا بعد أن أكرهونا على ابتلاعه ذات توقيع .. وذات أحكام عرفية ..
شكراً .. فرصاصتك المدويات : دقت النذير لكل من سفه رأينا وبارك صمتنا .. وسخر من وجعنا.. وها هو شعبنا الأردني ما فتئ منذ انطلاقتها يعلن للملأ الأعلى والأدنى أن أحمد الدقامسة هو عنواننا .. وصورتنا ورمزنا .. وصوتنا .. ولساننا ..
فمنذ ذلك اليوم الفاصل .. لم تعد ألسنتنا قابلة للابتلاع .. ونعاهدك بأننا لن نؤوب إلى جبننا وتخاذلنا وعار صمتنا .. ولن نسمح بنخاستنا .. ولن نرضة بثكلنا وموتنا !!!
وفي هذا اليوم المجيد نرسلها رسائل لكل من يهمه الأمر :
*** فإلى من أعلن موتنا السريري نقول : مرحباً الاستشهاد .. نرفض الموت الذليل في منعرجات القهر والصمت !
*** وإلى كل من حاول قمعنا بالحديد والنار نقول : أحمد الدقامسة هو أشرف أبنائنا .. وهو الناطق باسمنا .. والمعبر عن كل ما يعتمل في نفوسنا من اشمئزاز واحتقار لمعاهداتكم ومصافحاتكم وعناقكم وخيانتكم لدماء شهدائنا ومعاناة أسرانا .. وذلنا وهواننا على الناس ..
*** إلى وزير العدل المختلف حسين مجلي نقول : نطالبك باستكمال مرافعتك حتى التحرير ونوصيك بالتعاطي مع رسائل العدو بما هو أهله وبما أنت أهله
** إلى الجيوش العربية المليونية : نريد أحمد دقامسة بنسبة ثلاثة بالمائة من عديدكم
*** إلى المتمسكين باحترام مشاعر العدو نقول: لقد أشاد الصهاينة نصباً تذكارياً في الخليل لمجرم مجزرة الحرم الإبراهيمي باروخ غولدشتاين " فهل من متدبر ؟
*** إلى كل الشباب العربي والمسلم نقول : من عاش صغيراً مات صغيراً .. ومن عاش عظيماً مات عظيماً
*** وإلى الزعماء المنبهرين بخديعة السلام نقول : حافظوا على مواقعكم قبل أن تضيع منكم فتصرخ أمهاتكم " أبكوامثل النساء ملكاً مضاعاً لم تحافظوا عليه مثل الرجال "
*** إلى كل حر في هذا العام نقول .. "قاتل عدوك قبل أن يغزوك "
** وإلى مروجي الهرطقة والزيف نقول .. لا مدنيين في صفوف الصهاينة .. فكلهم عسكر وكلهم جولدشتاين ..
** وإلى من هم في الانتظار على قارعة الطريق .. نقول لا خير يأتي من قارعة الطريق ..
** إلى كل فياض بالخيانة : نقول : اخرسوا تبت أيديكم .. وخاب فألكم بالفلسطيني الجديد .. لقد عاد إلينا ذاك "الفلسطيني الأصيل المتجدد" ممتشقاً سكيناً " في نابلس المباركة وما حولها .. وما عليكم إلا انتظار الظهور القادم لهذا الفلسطيني ..
** وإلى كل المستسلمين نقول : الدم العربي ليس ماءاً آسناً يسهل التخلص منه.. دمنا العربي أحمر قان .. وثمنه أحمر قان كذلك..
*** وإلى الظانين بالأردنيين ظن السوء : نقول : لم تنكرون علينا حقنا بالكرامة .. فقد فاضت الباقورة ومن حولها بعبق الكرامة الأردنية .. بعد أن ذبحتموها في وادي عربة ..
وإلى وكتاب التدخل السريع نقول :
· لا خيل عندك تهديها ولا مال فليسعد النطق إن لم يسعد الحال
*** إلى كل من خذلنا بالمواقف المسئية نقول :
· أحمد الدقامسة هو ردنا .. هو خذلانكم حين صدقتكم ذات خيانة أننا تحولنا إلى قطيع من الأغنام تساق عنوة إلى مذبحها ...
· أحمد الدقامسة هو ردنا هو زماننا الأردني الجميل بعد أن أردتموه زماناً لانكسارنا
· القيد لا يليق بأحمد الدقامسة .. فهو .. شامة العز في وجوهنا .. ووسام الفخر فوق جباهنا ..
· القيد لكل من عانق أو صافح أو وقع مع هذا العدو معاهدات الإذعان ..
· القيد لكل من باع واشترى وساوم ...
· فيكفيك وعد الله تبارك وتعالى : (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين)
· فطوبى لك إذ أعلنت برصاص أردني مبين موت وادي عربة
** إلى كل أسرانا البواسل نقول :
· لن نسمح لزمان الرويبضة بالامتداد في أعصابنا ومقدراتنا ..
· لن نقبل بتمادي الطواغيت والمنافقين بالتلاعب بمقدراتنا والمقامرة على مستقبل أبنائنا وأوطاننا في لعبة الأمم ..
· لن نسكت على بقاء أسرانا ومجاهدينا في السجون والزنازين .. رهن التنكيل والتعذيب واستباحة الكرامة ..
· لن نسكت على دماء أبنائنا تهدر على مذبح الخيانة والعمالة والارتهان للعدو ..
وإلى كل من يريدون إغراقنا في التفاصيل نقول :
لن نضيع البوصلة فستبقى بوصلتنا في اتجاه واحد لا نحيد عنه .. نحو فلسطين كل فلسطين .. فكل ذلنا وهزائمنا وما نقاسيه من ويلات واحتلالات واختلالات هو تفاصيل في دفتر فلسطين !!
وأخيراً أقول لكم
الدقامسة أمانة في أعناقنا فلا نفرطن بأمانتنا ولا نضيعن الأمانة
نريد أحمد بيننا.. نريده قائداً عسكرياً.. ورمزاً لجنود أمتنا وأبطالها .. فهو .. ومن يسير على نهجه - المؤتمن على عقيدة جيشنا العربي المصطفوى
الاثنين، 14 مارس 2011
هل هناك إمكانية للإصلاح السياسي في الأردن
هل هناك إمكانية للإصلاح السياسي في الأردن
مقدمة لندوة رابطة الكتاب الأردنيين حول الإصلاح السياسي في الأردن
12/3/2011
د. عيدة المطلق قناة
الإصلاح فكرة قديمة قدم الإنسانية، تناولها المفكرون بالكتابة والتحليل وتناولها المصلحون من السياسيين بالمشاريع والإنجازات التي ما زالت تتحدث عن كتب التاريخ .. كما وثقت هذه الكتب لكثير من الحركات الإصلاحية التي تحولت إلى ثورات حين وصلت الأمور إلى حالة انسداد .. لتضع حداً للاستبداد السياسي، وتأمين الحقوق المدنية والسياسية للمواطنين...
أمتنا العربية والإسلامية ليست استثناء .. فهذه الأمة ما فتئت تخوض صراعات متواصلة في مواجهة نظم تسلطية جثمت عليها منذ الاستقلال .. فما أن شارفت نهاية القرن الماضي – العشرين – حتى بدأت هذه الأمة في التململ والغضب والتحرك نحو مخرج من نفق الاستبداد والتسلط..
وفي الأردن اليوم يطرح مطلب "الإصلاح" وليس الثورة .. والإصلاح – تعريفاً يعني: "تعديل غير جذري في شكل الحكم، أو العلاقات الاجتماعية دون المساس بأساسها.. وفي هذه الحالة فإن الإصلاح لا يعدو أن يكون تحسيناً في النظام السياسي الاجتماعي القائم، دون مساس بأسسه !!
ولكن وعلى الرغم من نعومة هذا المطلب .. وسلمية الحراك والاحتجاج في المطالبة بالإصلاح .. وبالرغم من مرور عقود على انطلاقته.. إلا أن هذا "الإصلاح" يمتنع عن المجيء .. بل إنه لم يبدأ بعد .. مما أدى إلى حالة من الانسحاب والإحباط لدى الكثيرين من دعاة الإصلاح والعاملين في الحقل العام .. إذ وجدوا أنفسهم اليوم أمام جملة من المعوقات منها:
1. حالة انسداد على جميع المستويات .. تعززها حالة فساد وإفساد .. واحتكار وإعادة تدوير السلطة بين طبقة محدودة من المجتمع.. وغياب الرقابة .. لقد تفاعلت حالة الانسداد هذه مع جملة من التحديات الاقتصادية الاجتماعية من عناوينها: العجز في الموازنة.. وتضخم في المديونية .. وعجز في الميزان التجاري، وعجز ميزان المدفوعات.. وعجز الاقتصاد عن توليد فرص عمل للآلاف الخريجين .. أدت إلى اتساع البطالة .. واتساع جيوب الفقر أفقياً وعمودياً .. حيث يقع اليوم أكثر من 30% من السكان تحت خط الفقر، وتآكل متواصل في الطبقة الوسطى واتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء .. وغير ذلك من اختلالات ..
2. هناك عوائق سياسية منها : عدم توفر الإرادة السياسية للإصلاح أو على الأقل إحداث تغييرات سياسية ضرورية وملحة.. فضلا ًعن إضعاف المؤسسات الدستورية وغياب مبدأ الفصل بين السلطات لصالح هيمنة السلطة التنفيذية .. بالإضافة إلى ضعف / إضعاف المعارضة السياسية مما أدى إلى غيابها أو تغييبها .. وساهم في انقسامها وتشرذمها .. وبالتالي افتقارها إلى مشاريع سياسية جادة أو حلول وبدائل.. وكذلك هناك ضعف وغياب أو تغييب لمؤسسات المجتمع المدني من أحزاب ونقابات واتحادات وجمعيات، فغاب الضغط الشعبي..مما ساهم في تدني نسبة المشاركة السياسية.. مع تآكل الوعي السياسي ( أو سطحيته) .. ونمو ثقافة الخوف.. أمام اشتداد وطأة الترهيب والترغيب – بالرشى والأعطيات التافهة لفئات محددة من هذه المنظمات !!
· وأما العوائق ثقافية : فتتجلى في غياب / ضعف ثقافة التسامح والقبول بالآخر واحترام مبدأ سيادة القانون والتداول السلمي للسلطة فضلاً عن ضعف مفهوم المواطنة والانتماء للدولة.. والوطن كوطن...!!
فكيف يمكن إنجاز إصلاح والحالة تكتنفها هذا الكم من العوائق .. آخذين بالاعتبار أن أي عملية إصلاح ديمقراطي تقوم على ثلاثة أبعاد هي:
· حماية الحريات العامة وحقوق الإنسان.
· توسيع الفضاء السياسي بإدماج القوى الجديدة وتخفيف احتكار السلطة وتقريبها من عموم المواطنين.
· بناء وتوسيع شرعية النظام السياسي
فلو حاولنا مقارنة هذا الأبعاد بما هي عليه الحالة الأردنية فماذا يمكن أن نجد؟
أولاً : في مسألة حماية الحريات العامة وحقوق الإنسان فإن الحالة الأردنية تتسم بما يلي:
· نتج عن تفرد السلطة التنفيذية بالتشريعات وتهميش دور السلطة التشريعية حزمة كبيرة من التشريعات المقيدة للحريات العامة بل مصادرتها .. مما أدى إلى هشاشة الحماية القانونية والسياسية لحقوق الإنسان وحرياته العامة.. وكرست التسلط والاستبداد .. بل إن المجتمع الأردني يشهد حالة تشريعية كثيراً ما تكون مفصلة على مقاسات أشخاص أو حالات .. أو لتخلق وقائع جديدة على الأرض ( ومنها قوانين الانتخابات وتعديلاتها .. قانون الأحزاب .. والجمعيات الأهلية..والاجتماعات العامة وإلى ما هنالك)
· أما أداء الحكومات فينحو في معظم الأوقات نحو التلاعب والتطنيش والتوسع في تقييد الحريات والحقوق العامة.. وحين يرتفع منسوب الغضب الشعبي تقوم الحكومة بإجراءات احتوائية شكلية ترقيعية سريعة الذوبان والانطفاء .. تعود بعدها ( حليمة لعادتها القديمة) بطشاً وتضييقاً وتشويهاً واغتيالاً للشخصية الفردية والمؤسسية.. وتزويراً للانتخابات جهاراً نهاراً وعلى رؤوس الأشهاد..
· القبضة الأمنية الحديدية ( بكل ما فيها من "بأس شديد").. فتبدأ بالسجون السرية منها والعلنية ..والتغول على الجامعات .. والتدخل السافر في منظمات المجتمع المدني .. وامتدت إلى النقابات المهنية في محاولة لإخضاعها .. نتج عنها شلل عام في مؤسسات المجتمع المدني .. واحتواء النقابات العمالية الواحدة تلو الأخرى .. والموقف الرافض لإنشاء نقابة المعلمين..
ثانيا: أما عن توسيع الفضاء السياسي فإن الحياة السياسية الأردنية ما زالت تشهد حالة من العزوف عن العمل العام بعامة والعمل السياسي بخاصة.. فالأحزاب ما زالت – رغم كل المزاعم - تواجه حملة منظمة من التضييق وتشويه صورتها .. وترهيب الشباب منها .. مما أدى إلى هزال الحالة السياسية وانكماش المشاركة .. وعزوف الشباب وتهميشهم وإبعادهم عن الحياة السياسية!!
وبالمقابل تم "خلق" بنى فوقية وهياكل شبابية شكلانية نجحت في إنجاز جيل من الهتافين والراقصين .. والبلطجية الجاهزين لإشعال شجار قبل إطلاق الصافرة .. شباب اختزلت قضيتهم في صراع بين شماغ أحمر وشماغ أسود .. فضلا ًعما تم غرسه في وجدانهم من كراهية للقوى السياسية وخاصة قوى المعارضة..
ثالثاً : أما في شرط بناء وتوسيع شرعية النظام السياسي : فإن هذا الشرعية تقوم على مبدأ الفصل بين السلطات وهذا المبدأ انتفى بالكامل أمام تغول للسلطة التنفيذية ..وحتى هذه السلطة أخذت بالتلاشي أمام سلطات ولدت خارج رحم الدستور .. ولعل من إرهاصات هذه الحالة .. ماتشهده السلطة القضائية من تذمر وتململ إذ شهد الجسم القضائي إرهاصات انتفاضتين في أقل من أربعة شهور .. ومن هذه الإرهاصات ما صرح به رئيس الحكومة الحالية في رده على سؤال تزوير انتخابات 2007 بالقول بأن حكومته كانت تدار من قبل المخابرات العامة والديوان الملكي ..
ومن عناصر بناء شرعية النظام السياسي إجراء انتخابات حرة ونزيهة تجسد مبدأ سيادة الشعب .. وتوسع وتعمق المشاركة السياسية التي تثري الفضاء السياسي العام.. وتأكيد السياسات التوافقية بدون التضحية بالتعددية..
أما حال ما يسمى بالسلطة الرابعة – من صحافة وإعلام بما فيه الإعلام الإلكتروني– فقد أبدعت الحكومات المتعاقبة في فنون التضييق وتقييد حرية التعبير والتوسع بالعقوبات ...
هذه المعطيات وما سبقها من عوائق تضعنا أمام جملة من التساؤلات لعل منها :
· هل يقبل الأردنيون بإصلاح ترقيعي احتوائي بديلاً عن مشروع تغييري جذري يبدأ بالدستور وينتهي بالأشخاص والأدوات؟
· ما هو الهدف من الخطاب التحريضي التشكيكي بنخب وقادة الشعب الأردني ؟
· كيف يمكن للأردنيين القبول بمشروع إصلاحي يحتاج إلى ثلاثين سنة ؟؟ فهل بقي من العمر ما يكفي للاطمئنان على مستقبل أبنائنا وأحفادنا في وطن حر .. وحياة كريمة ؟
إن مقاربة هذه التساؤلات في الحالة الأردنية تكشف عن جملة من الإشكاليات والمفارقات لعل منها :
1. إن النظام السياسى لم يثبت استعداده للقبول بالإصلاح وما يطرح حالياً لا يعدو أن يكون لعباً في الوقت الضائع ..
2. استجابات الحكومة لبعض مطالب الإصلاح غالباً ما تأتي شكلية بل في الغالب تأتي خطوة تراجعية إلى الوراء ( ومن أمثلة الإصلاحات التي شكلت خطوة للوراء التعديلات التي جاءت بها الحكومة السابقة لقانون الانتخابات .. كذلك الأمر مع مشروع الحكومة المعدل لقانون الاجتماعات العامة لعام 2011 الذي قدم يوم العاشر من آذار / 2011 لمجلس النواب .. فهذا المشروع جاء انتكاسة وتراجع حتى عن القانون النافذ حالياً والذي يشكل معضلة أمام التنمية السياسية !!
3. رغم تراكم الغضب وتكاثر أسباب الانفجار.. يخرج علينا صناع القرار صباح مساء بقرارات استفزازية تحمل كل مضامين الاستهتار والتطنيش واحتقار مشاعر الناس.. وتكريس مبدأ التوريث وإعتماد نهج (إعادة التدوير - Recycling) للمناصب وفق قاعدة التنفيعات .. وإدارة المزرعة ..
إن للاصلاح السياسي شروطه التي ينبغي أن تتوفر منها :
· يتطلب الإصلاح الحقيقي إطلاق كل محركات التنمية البشرية والسياسية والإقتصادية والاجتماعية المستدامة ..
· أن الإصلاح عملية مجتمعية ومسئولية جماعية تستوجب تعاوناً مؤسسياً..
· الإصلاح بحاجة إلى إصلاحيين ..والديمقراطية بحاجة إلى ديمقراطيين، يتمتعون بالخلق والشجاعة وقوة الإرادة وصدق الانتماء .. ويمتلكون أدوات الحوار وثقافة التسامح، والقبول بالآخر .. واحترام قيم العدالة والمساواة والشفافية، وحقوق الإنسان، ( وليس شلل المحتكرين والمزورين والفسدة والمرعوبين)
- يقوم الإصلاح على قاعدة المواطنة.. فلا إصلاح بدون مواطنة .. ولا مواطنة بدون حرية وعدالة ..
وعليه وحتى يتحقق الإصلاح لا بد من
1. إرادة سياسية جادة .. تطلق عملية إصلاحية جذرية واسعة وهذه حتى يومنا هذا غير متوفرة .. إلا على صعيد معسول الكلام!!
2. التخلص من ثقافة القطيع وسياسة الهيمنة والإخضاع .. وهذه أيضاً غير متاحة لأنها ثقافة راسخة رسوخ البتراء ..
3. استنبات مشروعنا الإصلاحي /التغييري الخاص في تربتنا .. ومن واقعنا وبما يلبي احتياجاتنا وطموحاتنا ويحقق شخصيتنا الحضارية .. وهذا أيضاً غير متاح أمام الانبهار بالخطاب العولمي ومشاريعه وبرامجه..
4. تعريف الثوابت الوطنية من جديد .. و تحديد وتعريف الأولويات الوطنية وجدولة برنامج المقاربة وخطة التحرك.. وهذه أيضا ًغير متاح إذ أننا أمام ضبابية كثيفة تحول دون الاتفاق على ماهية الثوابت والأولويات ..
ما العمل
· مراجعات حقيقية وصادقة تطال السياسات والاداء والنخب .. فالمطالب عادلة ومحقة ولكن المهم ان نمتلك الارادة اللازمة للاصلاح ونبقي على الزخم المطلوب لدفع العجلة الى الامام، فاي تراجع او تعثر سيخلف نتائج كارثية خاصة في هذا الزمن، زمن الثورات العربية.
· إن عملية الإصلاح السياسي الحقيقي يتطلب حالة استنهاض شمولي راشد وهادف ..
- لقد آن الأوان أن نسير بخطى ثابتة نحو إصلاح جذري حقيقي يعيد الإعتبار للشعب باعتباره مصدراً للسلطات – كل السلطات – إصلاح يستعيد فيه الأردنيون وطنهم وذاتهم الوطنية.. لقد مل الناس عقود عجاف من تكميم الأفواه والتحكم بمقدرات الأوطان ومصائر الشعوب والوصاية عليها ..
اليوم يبرز الإصلاح كمطلب شعبي أردني عام .. مما يجعله ضرورة وطنية لا يمكن تجاهلها.. وفي هذا السياق ينبغي التحذير من أن المضي في طريق التسويف والمماطلة واللعب على الوقت سوف تؤدي إلى الفشل والانتكاس .. كما سيؤدي إلى تعزيز جبهة الاستبداد .. وإضعاف عزائم الشباب .. فإذا ما انتكس هذا الحراك – لا سمح الله- ومضت الحكومة في سياسات التسويف والمماطلة والترقيع والاحتواء والتلاعب بالعقول والمشاعر عندها انتظروا الانفجار .. ولنتذكر بأن سبب الثورات في المنطقة هو تدني منسوب الكرامة لدى المواطن.
إلى مجلسنا النيابي .. لقد كثر شاكوك وقل شاكروك
إلى مجلسنا النيابي .. لقد كثر شاكوك وقل شاكروك
د. عيدة المطلق قناة
حين نتحدث عن الانتخابات التشريعيّة الأخيرة وما شابها من عمليات التزوير، وشراء الذّمم، وعن مخرجات "الصّوت الواحد، الدوائر الوهميّة" فإننا لا نصدر عن تخاريف وتهويمات إنما عن وقائع وحقائق أكدتها الخبرة .. ووثقتها عشرات الاستطلاعات والتقارير الحيادية ومنها تقارير منظمات حقوق الإنسان الوطنية او الدولية ..وأكتفي في هذا السياق بالإشارة إلى الاستطلاع الذي أجراه مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية "حول جوانب الفساد .. الذي كشف عن أن مجلس النواب ومؤسسات المجتمع المدني هما الجهتان الأضعف دوراً في مكافحة الفساد...
وأما بالنسبة لانتخابات المجلس النيابي السادس عشر فأكتفي بإحالة "القارئ الكريم" إلى (التقرير الذي أعده "مركز الجسر العربي لحقوق الإنسان المستقل حول سير الانتخابات .. هذا المركز قام بمتابعة ورصد العملية الانتخابية .. ورصد عدداً من "الإيجابيات" والسلبيات .. حيث التقت السلبيات التي وردت في "تقريرالمركز" بما تطرحه القوى السياسية والمجتمعية من إشكاليات على مدى العقدين الماضيين .. فقد أشار التقرير إلى قانون الانتخاب ووصفه بقانون ( الصوت الواحد والدوائر الوهمية ) .. وأشار إلى أن هذا القانون ما يزال مؤقتا ً وبالتالي فهو "غير دستوري" ... إذ اعتبر التقرير هذا القانون بأنه "عدو العمل السياسي والحزبي" .. كما حمله وزر العودة بالبلاد إلى الوراء .. فضلاً عن دوره – أي قانون الانتخاب- في تعزيز "حالة العنف المجتمعي "وازدياد "الكراهية و الفرقة بين المواطنين.. هذا إلى ما أشار إليه التقرير من قضايا خطيرة لعل أخطرها " التمويل المشبوه" الذي تلقته عدد من مؤسسات المجتمع المدني لرصد الانتخابات النيابية 2010 مما يشكك في نزاهة وحيادية وموضوعية التقارير الصادرة عنه بخصوص العملية الانتخابية .. فضلاً عن تضخيم نسب الاقتراع المعلنة من قبل الحكومة عن النسب الفعلية للاقتراع ..
فماذا نتوقع من مخرجات لمثل هكذا عملية انتخابية .. نحن أمام مواقف هي أقرب لردات الفعل وحفظ ماء الوجه ..فكيف نفسر منح حكومة "سمير الرفاعي" ثقة "ماسية " تجاوزت (93%) .. (فقدتها شعبيا ًفي أقل من شهرين ).. ثم عاد ليمنح الحكومة التالية ثقة "برونزية" لم تتجاوز ( 53%) !!
أقولها بصراحة إن الأردنيين اليوم أمام مشهد سياسي حافل بالمفاجآت والغرائب .. نحن اليوم أمام حالة ارتباك .. لعل من مؤشراتها :
· رئيس حكومة يتنصل ( بعظمة لسانه ) من مسؤولته عن التزوير الواسع والعلني الذي شهدته انتخابات 2007 بشقيها البلدي والنيابي بالاعتراف بأن " مدير المخابرات ورئيس الديوان الملكي هم الذين كانوا يسيرون حكومته الأولى عام 2007 ..
· مجلس نيابي بأداء مرتبك مضطرب غير مقنع حيث التوتر والصدام والشخصنة .. وبات الأردنيون ينامون ويصحون على سلوكيات هجينة.. فمن نائب يحقر الناس بسلوكيات سوقية... إلى نواب يطلقون أقذر الشتائم .. ويطيلون ألسنتهم على الشعب"مصدر السلطات " من تحت قبة " مجلس الشعب" .. ونواب يتهددون الناس ويتوعدونهم تارة بـ"نتف اللحى" .. وأخرى بالبلطجة .. وثالثة بالطرد خارج الحدود ..
ونائب يعلق ثقته بالحكومة على شرط قمع الشعب وكسر إرادته.. وآخر يطالب ب"تحويل" رئيس الوزراء ووزير الداخلية إلى "القضاء لمخالفتهم تطبيق الدستور الاردني.. بعدم منع المسيرات وفقا لقانون الاجتماعات العامة..".. ونواب يطالبون بكسر الأقلام "المسمومة"على رؤوس أصحابها كي يكونوا عبرة لكل معتبر.. ونواب يتهمون الكتاب والصحفيين بـ"تلقى الرشاوى " حين ينحازون لقضايا الناس "
فمن يصدق بأن الشعب الأردني اليوم لديه نواب ينطقون باسمه .. "ينفون" وينكرون وجود أي معاناة للأردنيين .. نواب يعتبرون الشعب الذي يخرج بعشرات الآلاف محتجاً ومتظاهراً بانه حفنة من "العملاء والمأجورين وأصحاب الأجندات" !!
نواب وضعوا أنفسهم مباشرة في مواجهة الشعب.. ففقدوا كل فرصة للقبول أو التجاوز عن هفواتهم .. لقد فقدوا كل المصداقية بالعصبية وافتعال الغضب .. وفقدان السيطرة وغياب الحكمة والاتزان والكياسة.. !!
لقد جاءت نتائج هذا الأداء "كارثية" على النواب بخاصة وعلى أوضاع الناس بعامة .. فالصدع بين المواطنين ومجلس النواب في اتساع مستمر .. ومع استمرار التردي في الأداء تحول الصدع إلى هوة يصعب جسرها وخيبة الأمل .. فحين تتفاعل كل هذه الممارسات مع الأوضاع المعيشية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية .. يصبح الإصلاح والتغيير الجذري الحقيقي هو المطلب الملح للشعب الأردني.. إن التغيير المطلوب لا بد أن يبنى على القاعدة الدستورية الأساسية أن " الشعب مصدر السلطات "..
أما الإصلاحات الشكلية والإجراءات الترقيعية التجميلية فلم تعد مقبولة .. وحتى ينطلق قطار التغيير السريع لا بد من أن ينطلق من محطة "رحيل البرلمان " .. وأسباب الرحيل تجاوزت على مسائل التزوير.. وقانون الانتخاب الذي أنتجه .. وتعدتها إلى أسباب أخرى أساسها خصومة هذا المجلس مع الشعب .. ووقوفه في اتجاه معاكس لمصالحهم ومطالبهم .. وتنكره لأوجاعهم ..
الأردنيون كأشقائهم من شعوب هذه الأمة العظيمة يستحقون الاحترام والعيش الكريم والحرية والعدالة والديمقراطية .. ويكفي صبرهم الطويل على كل أشكال المعاناة التي يصر نوابنا على إنكارها ... الأردنيون مؤهلون وقادرون على انتخاب حكوماتهم وبرلمانهم بمجلسيه.. وكل ممثليهم ..
والأردنيون يقولون بلسان عربي مبين "يا مجلسنا النيابي الكريم لقد كثر شاكوك وقل شاكروك.. فاعتزل .. لقد حان وقت الرحيل ".. !!
eidehqanah@yahoo.com
الخميس، 3 مارس 2011
ثورة ليبيا .. والمحركات الذاتية
ثورة ليبيا .. والمحركات الذاتية
د.عيدة المطلق قناة
هاهي اليوم الثورة الليبية تتفجر ثورة شعبية عارمة .. بعد عقود الصمت والتغييب.. لتكون حلقة مباركة في سلسلة ثورات تقدمتها وأخرى تلحقها .. صحيح أن الثورة الليبية ربما استلهمت سابقتيها المصرية والتونسية .. إلا أنها لم تكن مفاجئة أو وليدة اللحظة .. كما أنها لم تكن الأولى.. ولن تكون الأخيرة.. فضلاً عن تميزها بالكثير من السمات ّ!!
فما بين ثورة المختار .. وثورة "القذافي" غرقت ليبيا بالتناقضات .. فقد عانى الليبيون – في ظل سلطة الجماهير - القتل والتشظية والتغييب .. كما تحولوا إلى مختبر لتجارب مستحدثة من الاستبداد والأنظمة السياسية الغرائيبة .. كما عانوا أشكالاً متعددة من الاختلالات ..
وفي ظل - سلطة الجماهير - شهدت ليبيا أسرع التقلبات وأكثرها دراماتيكية .. فمن تقديس للعروبة والقومية العربية إلى التشكيك بها وطعن الأمة ولعنها.. ومن الأممية والقيادة العالمية في كل شيء .. إلى الحاراتية والقبلية وصولاً إلى العائلة النووية التي تسلمت مقادير البلاد والعباد وكل مفاتيح السلطة وهاهي اليوم رأس الحربة في البطش والقتل ... ومن الداعية الإسلامي .. إلى من يشتم شعبه بأقذع الشتائم وأحط المفردات .. ومن صاحب سلطة الجماهير إلى .. إلى السفاح الذي يدعو الجماهير للرقص والسهر والغناء على مشهد الدم والنار التي يشعلها في كل ليبيا.. ومن طهر الثوري وادعاء البساطة ومشهد الخيمة المتنقلة عبر القارات.. إلى صاحب القصور والقلاع التي لا تخترقها القنابل النووية.. ومن ادعاء بساطة العيش إلى اللص الذي استحوذ على مئات المليارات .. ومئات الاستثمارات في ما يصح وما لا يصح المبعثرة في كل القارات..
ومن الوطني العنيد الذي لا يتراجع .. إلى استجداء التسويات المهينة والصفقات المخزية.. و ادعاء الإنجازات التي تتكشف وهميتها عبر هدير الجموع ونزيف الدماء وأشلاء الشهداء..
صبر الليبيون حتى مل الصبر منهم واحتملوا حتى آخر شحنة من طاقة الاحتمال البشري.. صبروا حين غيبت المجازر الجماعية ( السرية والعلنية ) آلافاً من ابنائهم .. نذكر منها- على سبيل المثال- المجزرة التي ربما شكلت الشرارة للثورة الراهنة.. ففي 29 يونيو/حزيران 1996 داهمت قوات خاصة سجن بوسليم.. وفتحت النيران على سجناء عزل موقوفين لانتمائهم لجماعات إسلامية، وقتلت نحو 1200 سجين .. وكان لا بد من إخراس أي حديث بهذه المجزرة.. !!
صبر الليبيون على اختفاء أبنائهم إذ توارى الكثيرون منهم خلف الشمس وإلى غير رجعة..
وصبروا على وجود الآلاف من أبنائهم في غيابات "الجب الجماهيري" .. دون أن يروا ضوءاً في نهاية النفق..
وعليه فإن هذه الثورة ليست وليدة لحظتها.. فرغم الصبر وطول انتظار الفرج .. إلا أن مقدماتها كثيرة ..ومحركاتها أكثر .. وإرهاصاتها تجلت في غير انتفاضة .. وشهداؤهم كثر ممن نعرف ولا نعرف !!
إلا أن الزعيم "الأوحد المتفرد .. "المختلف" - كما يصفه ولده - .. هو الوحيد الذي ظن وما زال يظن بالليبيين سوءا .. إذ ينكر عليهم الحق في الانتفاض على ادعاءات الأولوهية .. فكيف بهم يفرون من "المجد والتاريخ والعز" .. وهو وحده بين زعماء العالم الذي يتعامل مع شعبه وأمته باعتبارهم – حاشا لله – " من الأغبياء والبليدين" القابلين للانسياق وراء مقولات التهريج والتزييف والتخريف إلى أبد الآبدين..
وفي عصر الشعوب والحرية والديمقراطية .. يبقى " القذافي " الوحيد الذي يخرح على العالم - بأعلى صوت وأعلى منسوب من التوتر - مشرعناً القتل والتدمير الجماعي .. وهو الوحيد الذي يظن أنه القادر على السيطرة على كافة حالات "القرف والملل" .. وبالتالي "الغضب" الذي يجتاح الأمة من الماء إلى الماء.. ومن الصحراء إلى الصحراء!!
تقمص "نيرون" في شخصه.. فراح يعمل في الليبيين قتلاً وتشظية .. وفي ليبيا تفكيكاً وفي ثرواتها ومقدراتها نهباً وتبديداً .. وفي تاريخها الجهادي المشرق تزويراً ...
لقد تفرد " ملك الملوك " و "زعيم العالم" بالتسويق لخرافة اكتساب " المشروعية عبر التدمير" .. مستحضراً جرائم العصر في تسويغ ردود أفعاله الهستيرية .. دون أن يدرك أن ما تؤكده النواميس الكونية من أن مليون جريمة مسكوت عنها تاريخياً أو راهناً .. لا يمكن أن تكون مسوغاً لأي انتهاك - مهما كان متواضعاً- فضلاً عن أن يكون مبررا لأي جريمة مهما ظن مرتكبوها بأنها تافهة وممكنة .. إن النواميس الكونية لتؤكد أن مجرد انتهاك أي انتهاك لكرامة الإنسان والأوطان كاف بذاته لإشعال ثورة – أي ثورة-..
وعليه فإنه في ضوء ما شهدته أحداث الثورة الليبية من أحداث وتطورات دراماتيكية .. فإن مهمة الليبيين تبدو أعقد من مهمة أشقائهم في الشرق والغرب والجنوب .. ولكن ورغم الخبرة المريرة مع هذا النظام "اللانظام".. إلا أنهم كسروا حاجز الخوف .. وخرجوا على أقانيم الصبر والاحتمال .. فأطلقوا صافرة الانطلاق ..وسالت دماؤهم الطاهرة لتخترق كل الجغرافيا والديمغرافيا الليبية المباركة..!! وها هم يعلنون بكل أدوات التعبير أن لا مجال للتراجع أو النكوص.. !!
ولكن يبقى التحدي المطروح على الأمة شعوباً وأنظمة.. حول الدور المطلوب لإسناد هذه الثورة المباركة حتى إنجاز أهدافها بالخلاص .. وإلا فإن ليبيا اليوم تتصدر قائمة الدول المؤهلة للغزو والتفكيك والفتن.. – لا سمح الله- .. و"لات ساعة مندم"!!
eidehqanah@yahoo.com
الاشتراك في:
التعليقات (Atom)