الأربعاء، 29 فبراير 2012
الاثنين، 27 فبراير 2012
الأحد، 19 فبراير 2012
المعلمون .. في مواجهة الاختلال في ميزان العدل
د. عيدة المطلق قناة
عانى المعلمون طيلة عقود طويلة من الإقصاء والتهميش .. فكانت النتيجة أن تراكم الظلم واستبيحت مهنة التعليم .. وتم التطاول على منتسبيها وأبنائها الحقيقيين .. كما تم التجاوز على حقوقهم الدستورية .. حتى أن تمتع المعلمين بأي حق لهم - مهما كان متواضعاً - كان لا بد أن يمر عبر مخاض عسير جداً .. فكانت النتيجة أن ظل المعلمون وحدهم - دون جميع مهنيي الأردن - خارج أي سياق تنظيمي يجمعهم ويحمي حقوقهم ويرتقي بمهنتهم التي كثيراً ما يصفها الناس بمهنة الأنبياء والرسل !! ولكن رغم كل هذا الجور ظل المعلمون الأردنيون قابضون على الجمر .. أوفياء لطلبتهم ومهنتهم ووطنهم ورسالتهم .
واليوم تمر البلاد بأزمة حقيقية عنوانها "حق المعلمين في كامل العلاوة المهنية" التي ما زالت الحكومات المتعاقبة تماطل فيها رغم أنها استحقاق مؤجل منذ عام 1994. ولكن يبدو من تصاعد الأزمة بأن الحكومة في معالجاتها لم تعد قادرة على تجاوز آليات التسويف والمماطلة والتجاوز والإهمال حيناً .. والتهديد والوعيد حيناً آخر .. وإطلاق حملات التجييش والاستعداء والكراهية أحياناً !!
المشهد الأردني اليوم يحتشد بغياب الحكمة وبكثير من التوتر كما تكشفه تصريحات غير مسئولة؛ ومواقف متصلبة؛ وتهديدات مرفوضة. وحين تغيب الحكمة وترتفع حرارة الأجواء يصبح تبريدها أمراً مستعصياً ؛ مما يفسر فشل اللقاءات التي جرت للخروج بحل مرض يحفظ كرامة كل الأطراف !
لقد بات المشهد زاخراً بالمفارقات والمحاذير الإشكالية لعل منها :
1. عجز الموازنة العامة :
ندرك أن الموازنة العامة تنوء بالأعباء المالية الثقيلة .. ولكننا بالمقابل نقف في حالة من الصدمة والترويع أمام نهب المال العام واستنزاف موارد الدولة ونهب مقدرات الوطن وبيع مؤسساته وشركاته لأشخاص وهميين وشركات وهمية بأبخس الأثمان .. مما يفسر عدم قبول لأردنيين بكل ما تسوقه الحكومة من حجج وذرائع تفيد بعجزها عن تأمين بضعة ملايين لقطاع يزيد تعداده عن مائة ألف ويعيلون حوالي مليون أردني!!
2. التباين الفاحش في الرواتب :
كيف يفهم الأردنيون ذلك التباين الفاحش في الرواتب والامتيازات بين موظفي القطاع العام بكل مؤسساته، وموظفي المؤسسات المستقلة .. حيث يتقاضى نفر من الأردنيين رواتب فلكية ، بل تغولوا على هذه المؤسسات عبر آليات النهب والمحسوبية والشللية والأعطيات وحولوها إلى مزارع .. حتى جف ضرع الوطن وتركوه قاعاً صفصفاً .. ناهيك عن انعكاسات هذه التباينات في الرواتب على صندوق تقاعد الضمان الاجتماعي؟؟
وحين ندقق في مؤهلات هؤلاء المحظيين نجد أن معظمهم ذوي مؤهلات عادية .. بل إن بعضها متواضع ودون المطلوب .. وحين ندقق بخدماتهم "الجليلة" التي استحقوا عليها كل هذا "الشفط واللهط" نجد أن سنوات خدمة العديد منهم لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة ونتساءل عن المعايير التي نالوا بموجبها كل هذه الحظوة ؟
وبالمقابل نجد أن المعلمين - وجميع معلمي الأردن مؤهلون تأهيلاً أكاديمياً ومهنياً رفيعاً - لا ينالون سوى النزر اليسير الذي لا يكاد يفي بمتطلبات الحياة الأساسية .. وحين يطالبون بالفتات من حقوقهم الدستورية توضع في طريقهم "مصدات" الموازنة وضعف الإمكانات فكيف يمكن لأحد تسويغ هذا الاختلال في ميزان العدل ؟؟
3. سلاح الفتوى :
في حين أن قضايا الفساد تزكم الأنوف، ويعج الشارع الأردني بالاعتصامات والشعارات المطلبية والحراكات الإصلاحية العابرة للتوجهات السياسية والطبقات الاجتماعية والمواقع الجغرافية والمهنية والعمرية منذ أكثر من عام؛ إلا أن مؤسسة الفتوى الأردنية لم تصلها روائح الفساد ولا أصوات المحتجين .. لنجدها قد استيقظت فجأة لتفتي بتحريم الاعتصام على المعلمين!! ..
4. التطاول على هيبة المعلمين :
تجاوز التطاول كل الحدود فبعض المتمادين نصبوا أنفسهم وعاظاً وناصحين، وبعضهم نصبوا أنفسهم لعانين رداحين، وبعضهم حمل "القنوة" وراح يلوح بها باتجاه رؤوس المعلمين.
5. التهديد والوعيد
6. إن التهديد باستخدام الجيش الوطني والدرك والأمن العام وغيرها من مؤسسات الوطن السيادية المحترمة هو بحد ذاته امتهان لكرامة هذه المؤسسات .. فهل تتعامل حكوماتنا المتعاقبة مع "جيش كل الأردنيين" باعتباره "العصا الاحتياطية" ترفعها بوجه من يعترض سبيلها .. مرة تستخدمها لـ"تزوير الانتخابات .. واليوم يراد لها أن تتحول أداة لكسر إرادة "جيش المعلمين"! أليس في هذه الممارسات شكل من أشكال الاستنساخ – غير المحمود - للنموذج القذافي أو الأسدي ؟؟
إن هذه الإشكاليات وغيرها تشكل بذاتها تحديات للسلم الأهلي والاستقرار ونتساءل :
· الحكمة في إشهار "سلاح الفتوى" بوجه اعتصام المعلمين بالتحديد دون غيرهم من الفئات ... ونقف حائرين أمام الحكم الشرعي في التمييز بين الأردنيين في إباحة ذات السلوك لفئة وتحريمه على أخرى ؟
· وأين تكمن مصلحة الأردن والسلم الأهلي في شحن الأجواء ، بمفردات الابتزاز وعدم الاحترام ؟
· وأي خير يرتجى من النيل من المعلم وصورته وسمعته وكرامته ؟
· ألا يخشى هؤلاء من تداعيات سقوط هيبة المعلمين على سقوط هيبة الدولة والمجتمع؟
· أين كانت هذه الأبواق النشاز- التي امتهنت الردح في كل الأزمنة - حين استبيحت كافة مقدرات الوطن ؟؟ ومن نصبها أوصياء على أمن الأردن واستقراره؟
· وأي جريمة يرتكبها هؤلاء بحق الاستقرار والسلم الأهلي ؟
· وأي عقل استراتيجي سمح بمثل هذه المهزلة ؟؟
· أما عن الحكومة ومن نصب هذه الأبواق - التي تردح في كل الأزمنة - أوصياء على أمن الأردن واستقراره؟
· وهل الاعتراف بالحقوق لأصحابها واجب أم منة تقتضي كل هذا الامتهان لكرامة الناس؟
· وهل تصويب الأخطاء وإعادة الحقوق لأصحابها تنازلات لا يجوز للحكومات أن تقدمها؟
إن الحكمة تقتضي الخروج الآمن لكل الأطراف كما تقتضي من الحكومة اتخاذ قرارات رشيدة أهمها :
· الاستجابة الفورية والكاملة لمطالب المعلمين باعتبارها حقوق مستحقة ومؤجلة.
· اعتماد الحوار المباشر في تصويب العلاقة بين أطراف المعادلة.
· التوقف - وإلى غير رجعة - عن لغة الابتزاز والتهديد والتجييش الإعلامي.
· الاعتذار للمعلمين عن كل ما صدر بحقهم من إساءات ؛ وعن كل تشكيك بوطنيتهم ونزاهتهم ، وكل مس بكرامتهم ؛ لأن كرامة المعلم من كرامة الوطن !!
إن المعلمين الأردنيين لم يكونوا يوماً دعاة فوضى إنما أصحاب حقوق ..وحينما يمارسون حقهم الدستوري في الاحتجاج السلمي فإنما يمارسونه بكل مسؤولية ووطنية واتزان ؛
إن مطالب المعلمين في الاستحقاق الكامل في العلاوة المهنية إنما تمثل الحد الأدنى لعيش مستور لا عيش رغيد!
ونستحضر في هذا السياق بأن في كل دولة متقدمة (كألمانيا ، واليابان ، وسنغافورة، وماليزيا .. وكوريا وغيرها) هناك نظام تعليمي راق يتبوأ فيه المعلم الركن الأساس في المشهد النهضوي الرفيع.
ونذكر أنفسنا بأنه حين يختل ميزان العدل تختل التنمية ويختل النظام العام ..
"فهل من مدكر" ..
eidehqanah@yahoo.com
السبت، 4 فبراير 2012
سوريا: معادلة النظام .. والشعب
د. عيدة المطلق قناة
يوماً بعد يوما تكتسب الثورة السورية زخماً ثورياً إضافياً .. وتحقق إنجازاً جديداً على الأرض .. ولعل أهم هذه الانجازات كان تشكيل "الجيش السوري الحر" الذي حمل على عاتقه حماية الثوار من بطش النظام وأجهزته القمعية .. فكان أن حظي بالتفاف الشعب واحتضانه أنى وجد هذه الجيش في المناطق السورية الساخنة على اتساع نطاقها الجغرافي .. لقد أخذ هذا الجيش يكشف عن رجولة وإقدام عاليين فضلاً عن مهارات تنسيقية وقتالية .. وبالمقابل بدأت كتائب النظام تفقد حاضنتها الشعبية الرئيسية ، إلى جانب فقدانها للكثير من عتادها ووسائل اتصالها ، فضلا عن سمعتها وأخلاقياتها، واهتزاز ثقة "النظام" في ولاء أفرادها !!
إن ما تحقق للثورة من منجزات نوعية على الأرض والتطورات الميدانية أفقدت النظام صوابه .. وبات فزعاً مرتبكاً متناقضاً فاقداً للخيارات والمنطق والحجة .. فأخذ يرفع – كسابقيه من الأنظمة الساقطة - فزاعات جديدة أهمها "الحرب الأهلية "والدعوات "التقسيمية" و "الفتنة الطائفية".. فأخذ هذا النظام يقود البلاد بسياساته الحمقاء ، وبخياراته الأمنية المغالية بالوحشية والدموية إلى أتون حرب أهلية وتقسيمات طائفية ..!!
لقد كشفت هذه الثورة العظيمة عن أن النظام السوري لم يكن يوماً إلا نظام عصابة واستبداد .. نظام يعتقل سوريا الوطن والشعب .. نظام دمر الماضي وشوه الحاضر .. وصادر المستقبل .. بالاستقواء على شعبه بمنظومات استبداد محلية وإقليمية ودولية فأطلقها لتمارس على هذا الشعب العظيم أبشع أشكال الانحدار الأخلاقي "اللفظي والسلوكي"..والوحشية والقمع الهمجي والمنهجي .. فتحولت - سوريا العظيمة - إلى وطن للرعب ومعتقل رهيب كبير.. حتى طفحت الحالة السورية بمفردات الجريمة من : التصفية الجسدية بوسائل القتل والاغتيال والتعذيب الوحشي بتشويه الجثث .. (سلخاً وحرقاً وتقطيعاً ) .. واغتصاب الفتيات والنساء والرجال ( وحتى الأطفال ) .. مروراً باختطاف وابتزاز واعتقال ( الرجال والنساء .. الأطفال والشباب والشيوخ)!! والاقتحامات المتكررة للبيوت .. والهجمات العسكرية - بأعتى ما يملك من آلة عسكرية - على المدن والقرى والأحياء .. وما يترافق مع هذا الهجمات من سلب ونهب وتدمير للممتلكات والمساجد والمدارس أو تحويلها إلى مراكز اعتقال وتعذيب .. وصولاً إلى الكذب والتضليل الإعلامي الذي بلغ قمة مأساوية على قاعدة " لا أريكم إلا ما أرى" .. وكل مفردة فيه تشكل جريمة موصوفة بالجرائم ضد الإنسانية وتستدعي الملاحقة الجنائية في كافة المحاكم المحلية والدولية!!
لقد لخص " النائب البريطاني- صديق العرب " (جورج غالاوي ) الحالة السورية - بالحرف [إن الجانب المظلم للنظام السوري يتمثل بطابعه الشمولي ، و عقلية الدولة البوليسية وقبل كل شيء الفساد العميق الجذور والذي في تفاقم خيالي عن طريق التحول الليبرالي الجديد مع الخصخصة المصاحبة له ، واستبدال ملكية الدولة بالملكية الخاصة التي تذهب لفئة بعينها مرتبطة بالنظام ، كان هذا الجزء من الحقيقة مخفيا جزئيا بالطابع المعادي للإمبريالية بالقومية العربية للشعب السوري وحكومته وهذه هي التجربة المعاشة لمعظم السوريين لأكثر من أربعين عاما..هذا ظلام كثيف] !!
وعليه فإن كان هناك إرهاب في سوريا فإن النظام هو من يمارس هذا الإرهاب ويبدع بأدواته ووسائله... لقد اجتمع في هذا النظام "الاستبداد والفساد والغدر والكذب" .. فأهان شعبه .. وصبغ تراب سوريا بدماء هذا الشعب بكل مكوناته.. نظام فاقد للحياء إذ لم يعد يضيره ارتكاب الجرائم الفاضحة .. نظام يعاني من "جنون العظمة" حد "التأله" .. نظام حرف مسار التاريخ العربي عن مساره وسيرورته.. إذ ما فتئ يردد منذ أربعين عاماً عبارته الشهيرة " لن نسمح لأحد بأن يجر سوريا إلى معركة .. سوريا هي التي تحدد زمان ومكان المعركة"!!! .. ولكن نصف قرن من هذا الحكم استعصى فيه كل من "الزمان والمكان" على الحضور!!..
وحين يشتد الضغط ويضيق الخناق عليه يخرج هذا النظام على العالم بخطابات تؤكد حالة الوهم والغيبوبة التي يعيشها .. فجاءت كل خطاباته متناقضة ومشوشه وخارجة عن سياق "الزمان والمكان" .. خطابات حافلة بالتزوير إذ تؤكد أن النظام فاقد للخيارات.. وأن ليس لديه سوى القتل والتصفية.. واستخدام الشبيحة والقناصة لمواجهة الثورة.. والتمسك باسطوانة مشروخة مفادها أن سوريا تواجه إرهابًا داخليًا من قبل تنظيمات راديكالية ومؤامرة خارجية.. مما يستدعي إعلان حربه الصريحة على شعبه بل والتشديد بالضرب بيد من حديد على "المتآمرين والمخربين" !!
غيبوبة رأس النظام وأجهزته ودائرته الضيقة .. يقابلها شعب عظيم صحيح الفطرة يحمل عبئاً عظيماً وحملا ً ثقيلاً .. شعب خرج على أقانيم الخوف والجبن .. ففتن كل شعوب الأرض بما لديه من الصلابة والشجاعة والتصميم والإصرار والقدرة على التضحية رغم تفرد نظامه بوحشية غير مسبوقة ..!!
في ظل هذا المعادلة المختلة بين نظام - بما هو عليه من مواصفات- وشعب بما كشفه من قدرات .. فإن الثورة السورية السلمية أذهلت الصديق والعدوّ، ببطولات أطفالها وشيوخها، وشبابها ونسائها.. إنها ثورة شعب عظيم يقدم تضحيات لا يطيقها بشر.. وما زال على مدى عام يتابع طريقه يوما بعد يوم، في الشوارع والساحات ، في القرى والمدن.. زعلى امتداد الرقعة الجغرافية للوطن السوري الواحد.. يواجه القتل والجراح.. بنداء الحرية "التكبير".. ويواجه الآلام – وما أقساها- بالصمود والصبر والمزيد من العطاء !!
إن مثل هذه الثورة الإبداعية تستحق إبداعاً بأشكال الدعم والنصرة .. إنها الثورة التي تزف البشرى بـ "ولادة وطن سوري" جديد .. وشعب أذهل العالم بعبقريته وطاقته المبهرة على التضحية..!!
eidehqanah@yahoo.com
الاشتراك في:
التعليقات (Atom)